للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتعرّض إليه أحد، فإنّه من محبّي السلطان وخواصّ خدمه. فسكن الطلب له مدّة خمسة أيّام، ثمّ تجرّد له الأمير سنجر الشجاعيّ، وحدّث الأمير كتبغا، وعشرة من الأمراء، وقال: هذا هو الذي أوقع بين السلطان ومماليكه وأمرائه ونائبه حتى قتل بسببه، ثم يترك سالما؟ - وما زال بهم حتّىوافقوه، ونزل الطلب إلى ابن السلعوس في يوم السبت ثاني عشرين المحرّم، وهو اليوم السادس من قدومه.

وصعد قلعة الجبل، في دسته على العادة. وعند ما دخل على مجلس الأمير كتبغا النائب، قبض عليه وسلّمه إلى الشجاعيّ. فأوقع الحوطة على سائر موجوده، وأنزله من القلعة إلى داره بالقاهرة ماشيا من يومه، وكان موعظة وذكرى لمن اعتبر.

وأوقف على باب داره، والظّلمة (١) محيطة به، ولم يمكّن من العبور إليها، وأخذه الأمير بهاء الدين قراقوش الظاهريّ شادّ الصحبة ليطالبه بالأموال، وكان من أعدى أعاديه، فضربه ألفا ومائة شيب (٢) بالمقارع. فلم يرض بذلك الشجاعيّ وأنكر عليه، ونقله منه إلى الأمير بدر الدين (٣) لؤلؤ المسعوديّ شادّ الدواوين [٩٣ ب] فعاقبه بأنواع العقوبات، وعذّبه أشدّ العذاب على إخراج المال، إلى أن أقرّ أنّ له بدمشق تسعة آلاف دينار فكتب بحملها إلى بيت المال، وظهرت له أموال كثيرة وتوالت العقوبة من شادّ الدواوين له في كلّ يوم بالمدرسة الصاحبيّة بسويقة الصاحب من القاهرة، وتضاعف عذابه. وكان لا يتولّى ذلك إلّا شرار الظّلمة فلا يرحمونه، ويخرج به إلى القلعة نهارا على حمار فتجتمع العامّة له، وبأيديهم النعال المقطّعة العتيقة، ويقولون، وهم يسخرون

به: يا صاحب، علّم لنا على هذه! - ويقدّمون له ما رثّ منها وخلق، ويبالغون في سبّه وتوبيخه.

فلم يزل على مقاساة لهذه الأهوال وتجرّع الغصص، إلى أن مات تحت الضرب (٤) فلم يعرّف بموته، واستمرّ يضرب بعد موته ثلاثة عشر شيبا، وذلك في يوم السبت عاشر صفر- وقيل: يوم الأحد خامس عشره- سنة ثلاث وتسعين وستّمائة، فدفن بالقرافة، والأوّل أصحّ.

٢٦٦١ - أبو الحسن ابن السوّار [- ٢٩٧] (٥)

محمد بن عثمان بن سعيد بن سوّار- ويقال ابن السواريّ، ويقال: محمد بن عثمان بن سعيد بن عبد السلام ابن أبي السوار- أبو الحسن، السرّاج، مولى قريش.

روى عن أبي صالح كاتب الليث وغيره. قال ابن يونس: كتبت عنه، ولم يكن ثقة. سمع منه بمصر أبو بكر الحسن بن زياد النقّاش، وأبو محمد الحسن بن رشيق العسكريّ، وأبو القاسم حمزة بن محمد الكنانيّ الحافظ.

توفّي سنة سبع وتسعين ومائتين.

٢٦٦٢ - ضياء الدين الزرزاريّ [٦٠٨ - ٦٨٨] (٦)

محمد بن عثمان بن سليمان بن عليّ بن سليمان، ضياء الدين، أبو عبد الله، ابن أبي [٩٤ أ] عمرو، الكرديّ، الزرزاريّ، الإربليّ، الرهاويّ، الرجل الصالح، والمحدّث الفاضل.

ولد بالرّها سنة ثمان وستّمائة، وقدم القاهرة.


(١) الظلمة: أعوان الحاكم لتنفيذ العقوبة (دوزي).
(٢) الشيب بالفتح ج شيوب: الضربة بالسوط.
(٣) في النجوم ٨/ ٥٤: بهاء الدين.
(٤) نهاية ابن السلعوس في السلوك ١/ ٧٩٧.
(٥) ميزان الاعتدال ٣/ ٦٤١ (٧٩٣١) و ٣/ ١٠٠ (٩١٨) من طبعة الخانجي ١٣٢٥.
(٦) غاية النهاية ٢/ ١٩٦ (٣٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>