للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زهرة بن كلاب، وتيم بن مرّة إلى حلف الفضول فاجتمعوا [١٩٣ ب] إلى دار عبد الله بن جدعان، فتحالفوا عنده وتعاقدوا ألّا يجدوا بمكّة مظلوما من أهلها ومن غيرهم إلّا قاموا معه على من ظلمه حتّى يردّوا مظلمته.

وعن جابر بن عبد الله بن مصعب عن أبيه قال:

إنّما سمّي حلف الفضول أنّه كان في جرهم رجال يردّون الظالم فتحالفوا بالله ليأخذنّ للمظلوم من الظالم، وللمقهور من القاهر ما بلّ بحر صوفة.

[[وجه تسمية حلف الفضول]]

وعن معروف بن خربوذ قال: تداعت بنو هاشم، وبنو [عبد] المطّلب، وتيم، واحتلفوا على أن لا يدعوا بمكّة كلّها ولا في الأحابيش مظلوما يدعوهم إلى نصرته إلّا أنجدوه حتّى يردّوا إليه مظلمته ويبل [غ] وا في ذلك عذرا. فكره ذلك سائر المطيّبين والأحلاف، وسمّوه حلف الفضول عيبا له وقالوا: هذا من فضول القوم فسمّوه حلف الفضول.

ويروى أنّ معاوية بن أبي سفيان قال لجبير بن مطعم (١): يا أبا محمّد، أكنّا في حلف الفضول؟

قال: لا.

قال: فكيف كان؟

قال: قدم رجل من ثمالة فباع سلعة له من أبيّ بن خلف بن وهب بن حذاقة بن جمح، فمطله. فأتى الثماليّ أهل حلف الفضول فأخبرهم. فقالوا له: اذهب فأخبره أنّك أخبرتنا، فإن أعطاك حقّك وإلّا فارجع إلينا.

فأتاه فأخبره بما قال أهل حلف الفضول،

فأخرج إليه حقّه فقال [الطويل]:

أتأخذني في بطن مكّة ظالما ... أبيّ، ولا قومي لديّ ولا صحبي؟

وناديت قومي صارخا ليجيبني ... وكم دون قومي من فياف ومن سهب

ويأبى لكم حلف الفضول ظلامتي ... بني جمح والحقّ يؤخذ بالعضب

وقد قيل: إنّ أبا الطحمان استجار عبد الله بن جدعان، فعدا عليه قوم من بني سهم فنحروا ثلاثا من إبله. فأتاهم بمثلها وقال: أنتم لها ولأكثر منها أهل.

فأخذوها فانتحروها. ثمّ أمسكوا عنه زمانا، ثمّ جلسوا على شراب لهم. فلمّا انتشوا عدوا على إبله فاستاقوها كلّها. فأتى عبد الله بن جدعان فاستصرخه فلم يكن فيه ولا في قومه قوّة بني سهم فأمسك عنهم ولم ينصره. فقال أبو الطحمان في ذلك شعرا وارتحل عنهم.

وقدم لميس بن سعيد البارقي مكّة فاشترى منه أبيّ بن خلف سلعة فمطله إيّاها. فمضى في قريش فلم يجد أحدا يجيره.

ثم قدم رجل من بني زيد فاشترى منه رجل من بني سهم يقال له حذيفة بن قيس سلعة وظلمه حقّه. فصعد الزيديّ على أبي قبيس فقال بأعلى صوته، وقريش في ناديهم: يا آل فهر لمظلوم بضاعته ... الأبيات. فأعظم الزبير بن [١٩٤ أ] عبد المطلب ذلك وقال: يا قوم إنّي والله أخشى أن يصيبنا ما أصاب الأمم السالفة من ساكني مكّة.

ومشى إلى عبد الله بن جدعان، وهو يومئذ شيخ قريش، فقال له مثل ذلك. فتحالف بنو هاشم وبنو المطّلب وبنو تيم بالله إنّا ليد واحدة على الظالم حتى يردّ الحقّ. وخرجت سائر قريش


(١) جبير بن مطعم بن عديّ بن نوفل بن عبد مناف، له صحبة (جمهرة، ١١٦) «وكان من أنسب قريش لقريش وللعرب قاطبة» (سيرة ١/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>