وصنت نعمتي، وزاد محلّي عظما بصرفي وزير [ا] وتقليدي وزير [ا].
[[ ... يضربه للوزير ابن الفرات ليسلم من سعايته]]
فلمّا سمع هذا منّي أسقط في يديه، وقال: عدوّ الله، أو تستحلّ هذا؟
فقلت: لست عدوّ الله، [بل عدوّ الله] من استحلّ منّي هذا الذي أحوجني إلى الفكر في مثل هذا. ولم لا أستحلّ مكروه من يريد هلاكي وزوال نعمتي؟ .
فقال: أو إيش؟
فقلت: أو أن تحلف الساعة بما أستحلفك به من الأيمان المغلّظة أنّك تكون لي، لا عليّ، في صغير أمري وفي كبيره، ولا تنقص لي رسما، ولا تغيّر لي معاملة، ولا تضع منّي، وتزيد رفعتي وذكري بالجميل، ولا تبغ [ي] لي الغوائل، ولا تدسّس عليّ المكاره، ولا تشرع لي في سوء ولا نكبة أبدا، ظاهرا ولا باطنا، وتفعل- واشترطت عليه- الأمان ممّا كنت أخافه.
فقال: وتحلف أنت أيضا لي بمثل هذه اليمين على جميل النيّة وحسن الطاعة والمؤازرة؟
فقلت [٣٨٩ ب]: أفعل.
فقال: لعنك الله، فما أنت إلّا إبليس، والله لقد سحرتني.
واستدعى دواة، وعملنا نسخة يمين، وأحلفته بها أوّلا، ثمّ حلفت له. فلمّا أردت القيام قال: يا أبا عبد الله، لقد عظمت في نفسي، وخفّفت ثقلا عنّي. والله ما كان المقتدر يفرّق بين كفايتي وموقعي وبين أخسإ كتّابي، مع ما ذكرت من المال الحاضر. فليكن ما جرى مكتوما.
فقلت: سبحان الله.
فقال: إذا كان غدا، فصر إليّ لترى ما أعاملك به.
فنهضت. فقال: يا غلمان، بأسركم بين يدي أبي عبد الله! .
فخرج بين يديّ نحو مائتي غلام.
وعدت إلى داري وما طلع الفجر. فاسترحت.
وجئته في وقت جلوسه. فعرّفني الذين كانوا بحضرته ما جرى من التقريظ التامّ في حقّي، وعاملني بما شاهده الحاضرون، وأمر بإنشاء الكتب إلى عمّال النواحي بإعزازي وإعزاز وكلائي، وصيانة أسبابي وضياعي. وتقدّم إلى كتّاب الدواوين بإخراج كلّ ما كانوا أدخلوه الديوان من رسومي، والزيادة فيها، وأن أجرى على الرسوم القديمة.
فشكرته وقمت. فقال: يا غلمان، بين يديه! - فخرج الحجّاب يجرون بين يديّ، والناس يشاهدون ذلك ويعجبون منه وقد رجع جاهي ولم يعلم أحد سبب صلاح ما بيننا، وما حدّثت بذلك إلّا بعد القبض عليه.
(ثمّ قال لي أبو علي): أهذا رأي وفعل من يليق به ما يحكى عنه من الحكايات؟ .
قلت: لا.
[شاهد آخر من تيقّظه]
قال التنّوخيّ: حدّثني أبو محمد عبد الله بن أحمد بن مكرّم: حدّثني بعض شيوخنا قال: كنت بحضرة أبي عمر القاضي، فجرى ذكر ابن الجصّاص وغفلته، فقال: معاذ الله! ما هو كذلك.
ولقد كنت عنده منذ أيّام مسلّما، وفي صحنه سرادق مضروب. فجلسنا بالقرب منه نتحدّث،