للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الظهر، وبها تمّ لأبي عبد الله أخذ المغرب واستقرار دولته.

وكتب إلى المهديّ [وهو] بسجنه في سجلماسة يبشّره بالفتح، وأنفذ الكتاب مع أبي الحسين جدّ (١) بني الحسين ولاة صقلّيّة، وبعث معه نفقة ودخل أبو الحسين السجن في زيّ لحّام وعلى رأسه لحم يبيعه للمحب [و] سين وثياب دهنة (٢)، فاجتمع به وعرّفه ذلك.

ثمّ سار أبو عبد الله وأخذ عدّة مدائن [٤٤١ أ] بالسيف، فحشد زيادة الله وبعث العساكر لقتال أبي عبد الله، فلقي [ت] هم خيل لأبي عبد الله وأوقعوا بهم حتى أتوا على معظمهم قتلا. فاشتدّ ذلك على زيادة الله وخرج بنفسه في سنة خمس وتسعين [ومائتين] (٣). ثمّ عاد، وبعث إبراهيم- من بني عمّه- فواقعه أبو عبد الله وقتل منهم خلقا كثيرا، ومضى كلّ منهما. فجمع أبو عبد الله عساكره فبلغت مائتي ألف فارس وراجل. وجمع زيادة الله مع ابن عمّه إبراهيم ما لا يحصى، وسار أبو عبد الله في أوّل جمادى الآخرة سنة ستّ وتسعين فلقيه إبراهيم واقتتلوا قتالا عظيما طال زمانه وجرت فيه أمور آلت إلى هزيمة زيادة الله إلى مصر، ونهبت قصور بني الأغلب.

ووصل إبراهيم إلى القيروان، وجمع الناس

عليه فلم يستقم له أمر وخرج. ونزل أبو عبد الله برقّادة وأمّن الناس ولم يتعرّض لأحد، وخرج إليه الفقهاء ووجوه البلد فلقوه وسلّموا عليه وهنّئوه بالفتح، فردّ عليهم ردّا حسنا وحدّثهم وأمّنهم، فأعجبهم ذلك وسرّهم. وأخذوا في ذمّ زيادة الله وذكر مساوئه، فقال لهم: ما كان إلّا قويّا (٤)، وله منعة ودولة شامخة، وما قصّر في دفاعه، ولكنّ أمر الله لا يعاند ولا يدافع.

فأمسكوا عن الكلام ورجعوا إلى القيروان.

[إعلان الحكم الشيعيّ]

وكان دخول أبي عبد الله رقّادة يوم السبت مستهلّ شهر رجب، وعند ما نزل بالقصر فرّق دورها على كتامة. وكان قد خرج منها الناس فنادى بالأمان، فرجع الناس إلى أوطانهم. وبعث العمّال إلى البلاد، وتتبّع أهل الشرّ والفساد فقتلهم. وجمع ما كان لزيادة الله من الأموال والسلاح وغيره، فاجتمع كثير من ذلك. وكان فيما وجد عدّة جوار لهنّ حظّ من الجمال، فسأل عمّن يكفلهنّ فدلّ على امرأة صالحة كانت لزيادة الله، فأحضرهاو أحسن إليها وسلّم الجواري إليها، وأمرها بالقيام عليهنّ، وأمر لهنّ بما يصلحهنّ ولم ينظر إلى واحدة منهنّ. ولمّا حضرت الجمعة أمر الخطباء برقّادة ولم يذكروا أحدا، وأمر بضرب السكّة وأن لا ينقش عليها اسم، ونقش عليها من وجه (٥):

بلغت حجّة الله

ومن الوجه الآخر:

تفرّق أعداء الله

ونقش على السلاح:


(١) في الكامل ٦/ ١٣٠: مع أحد ثقاته، وأبو الحسين الكلبي مؤسّس الأسرة الحاكمة بصقلّيّة لا ذكر له عادة، وإنّما يذكر ابنه عليّ وحفيداه الحسن وعمّار (انظر ترجمة ماريوس كانار لسيرة جوذر، ص ١٠٣).
وفي ترجمة الحسن بن عمّار الكلبيّ التي مرّت بنا (رقم ١٢٠٤) ألحق اسم محمد بن الفضل بن يعقوب بكنية أبي الحسين، فلعلّه اسم رأس الأسرة الكلبيّة الصقلّية.
(٢) هكذا في المخطوط، ولعلّها تعني: وسخة بالزيوت.
(٣) في عيون الأخبار ١٢٢: في أوّل سنة ٢٩٥.
(٤) هكذا في الكامل ٦/ ١٣٢ وفي مخطوطنا.
(٥) الكامل ٦/ ١٣٢ (سنة ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>