للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن حميه (١) الصاحب شرف الدين هبة الله بن صاعد الفائزيّ في الوزارة، وعن والده الصاحب بهاء الدين علي بن محمد بن سليم. وولي ديوان الأحباس. وكان وزير الصحبة في الأيّام الظاهريّة بيبرس. وكان محبّا لأهل الخير والصلاح، مؤثرا لهم، متفقّدا لأحوالهم. وعمّر رباطا حسنا بقرافة مصر يشرف على بركة الحبش، ورتّب فيه جماعة من الفقراء.

وتوفّي بمصر يوم الاثنين حادي عشرين شعبان سنة ثمان وستّين وستّمائة، ودفن من الغد قريبا من الفخر الفارسيّ بالقرافة.

واتّفق له ما فيه معتبر وذكرى: وهو أنّ الصاحب زين الدين يعقوب بن عبد الرفيع بن الزبير مات في ثالث عشر ربيع الآخر بالسجن، وأخرج على جنويّة (٢) كالطّرحاء ليس معه مشيّع من خلق الله خوفا من الصاحب بهاء الدين علي بن محمد بن حنّا. وكان الصاحب فخر الدين هذا يتنزّه في أيّام الربيع بمنية القائد ومعه خواصّه.

فلمّا قدم عليه البشير بموت ابن الزبير وخروجه على الصفة المذكورة، استخفّه الطرب ولم يتمالك نفسه، وأمر المطربين فغنّوه، وقام ورقص بمن عنده، وأظهر من الفرح والسرور ما لا مزيد عليه، وأخلع على المبشّر. فلم يمهل بعد ذلك سوى ثلاثة أشهر وثمانية وعشرين يوما ومات.

فكانت جنازته حافلة جدّا، مراعاة لأبيه. وعند ما دفن قام شرف الدين محمد بن سعيد بن حمّاد البوصيريّ صاحب البردة على قبره وأنشد [الخفيف]:

نم هنيئا محمّد بن عليّ ... لجميل قدّمت بين يديكا

لم تزل عوننا على الدهر حتّى ... غلبتنا يد المنون عليكا

[١٥٠ أ] أنت أحسنت في الحياة إلينا ... أحسن الله في الممات إليكا (٣)

ومن شعر الصاحب فخر الدين [البسيط]:

من يسمع العذل فيمن وجهها قمر ... فذاك عندي ممّن لبّه فقدا

لو شاهدت عذّلي ما تحت برقعها ... من الجمال لماتوا كلّهم شهدا

روحي الفداء لمن عشّاقها قتلت ... فكم أسير لها ما يفتدى بفدا

من علّم الغصن لولا قدّها ميسا ... أو علّم الظبي لولا جيدها غيدا؟

٢٨١١ - المطرّز الدمشقيّ النحويّ [- ٤٥٦] (٤)

[١٥٠ ب] محمد بن عليّ بن محمد بن صالح بن عبد الله، أبو عبد الله، السلميّ، المطرّز.

سمع بمصر من أبي الحسن عليّ بن إبراهيم الحوفيّ، وبدمشق وغيرها تمّام بن محمّد الرازي وغيره.

روى عنه الخطيب أبو بكر أحمد بن عليّ البغداديّ. وكان أديبا، وصنّف مقدّمة في النحو.

مات مستهلّ ربيع الأوّل- وقيل سلخ المحرّم- سنة ستّ وخمسين وأربعمائة بدمشق.


(١) في المخطوط: عن حموه.
(٢) الجنويّة: أضلاع من الخشب مجموعة على هيئة السياج، والطرحاء ج طريح: الجثّة الملقاة بدون دفن (دوزي).
(٣) ديوان البوصيري ٢٣٢.
(٤) بغية الوعاة ٨٠، وأضاف: الدمشقيّ، صاحب المقدّمة المطرّزيّة المشهورة في النحو. مختصر ابن عساكر ٢٣/ ١١٨ (١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>