للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زيادة الطول نقص ظاهر الأثر ... وقد سرى ذاك حتّى كان في الشجر

انظر إلى الجوز لمّا عاد معتليا ... كيف اغتدى وهو خالي الغصن من ثمر

ومولده بمصر يوم الأحد عاشر شعبان سنة سبع وأربعين وخمسمائة. وتوفّي بالقاهرة فجأة يوم الاثنين سلخ ذي الحجّة سنة خمس عشرة وستّمائة. ودفن بالقرب من الشافعيّ.

١٢٨١ - أبو القاسم الغلبونيّ الورّاق [- بعد ٣٩٩] (١)

حمزة بن علي بن يعقوب، أبو القاسم، الغلبونيّ، الورّاق.

كان صديقا لأبي الحسن مالك بن سعيد الفارقيّ. فلمّا ولي قضاء القضاة استخلفه على قضاء القاهرة وجعله واسطة بينه وبين الشهود كلّهم، يمضي ما أمضاه ويوقف ما أوقفه، وخلع عليه (٢) وحمله على بغلة مسرجة ملجمة. فعلت منزلته وتردّد إليه وجوه الناس لقضاء أشغالهم.

فكثرت دالّته على القاضي وزاد في سؤاله قضاء الأشغال ونحوها.

فحسده الجماعة وألّبوا عليه وشنّعوا بذكر قبائح نسبوها إليه. ورفعوا ذلك للقاضي غير مرّة، وهو يغضي عنه. فلمّا طال ذلك منعه من حضور مجلسه. فلم يمتنع وحضر، فانتهره وصرفه.

فاستتر في داره من طلب الناس له، فلم يوجد.

فكتب عليه محضر باستتاره، شهد فيه جماعة من الشهود، وأطلقوا فيه القول بالعظائم. وكان

القاضي قد رضي بأن غيّب شخصه، فلم يرض ذلك غرماءه وأبوا إلّا سفك دمه. ونصّ المحضر المكتتب بعد البسملة (٣): هذا ما شهد به الشهود المسمّون في هذا الكتاب: شهدوا جميعا أنّهم يعرفون حمزة بن علي بن يعقوب الغلبونيّ الورّاق معرفة صحيحة يقينيّة باسمه ونسبه. ويشهدون أنّهم انكشف لهم من حاله من قلّة الأمانة، وظهور الخيانة، ورقّة الدين، واغتصاب مال من قدر على اغتصاب ماله من المسلمين، وأخذ الرّشى على الأحكام الشرعيّة، والتسوّر على المستورين بمقربة من القضاة حتى ظهرت [٤١٥ ب] أفعاله وبانت أعماله، وكثر الخوض فيه بما يعلمه ويصحّ عندهم من ذلك أجمع. وعلموا أنّ في بعده عن باب الحكم طهارة له وصلاحا للمسلمين وصونا لحرمهم وأموالهم. وفي قربه منه فساد كبير وضرر عظيم، مع مخالفته لمذهب الأئمّة عليهم السلام، وتظاهره بخلافهم في هذا الوقت، واختلائه مع المرجفين وسعيه مع الأمور العظائم، والأحوال الجسائم، التي لا يكاد ينطق بها اللسان. وأنّ قاضي القضاة لم يزل، كلّما اتّصلت به هذه البلاغات، يزجره، وينهاه، ويحذّره، فيعلمه أنّه قد رجع عن ذلك وأناب لوقته، ويعاود بعد إظهار توبته، إلى ارتكاب مثل ذلك لا يرتدع عمّا يأتيه، ولا يخاف الله بارية. وأنّه غير موضع للقضاء ولا لقبول الشهادة، ولا يرضون فعله، ولا يثقون بقوله، لا لهم ولا لأحد من سائر الناس كافّة، ولا عليهم ولا على أحد من سائر الناس أجمعين. وأنّ من أسقطه ونزع عنه قميص الأمانة مثاب من الله تعالى في خلقه. يعلمون ذلك كلّه من حاله ويقفون عليه من أمره. وسألهم من جاز له سؤالهم إثبات شهاداتهم بما علموه من حاله وانكشف لهم


(١) الكندي، ٦٠٨ - ٦٠٩.
(٢) زاد في كتاب الولاة والقضاة، ٦٠٤: وهو- أي القاضي مالك بن سعيد أوّل من فعل ذلك من القضاة لأنّ الخلع لم تكن إلّا من قبل الخليفة أو الأمير.
(٣) هذا المحضر منقول في كتاب الكندي ص ٦٠٩ مع اختلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>