للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمّ صرف في ثامن ذي الحجّة سنة خمس وتسعين بشهاب الدين أحمد ابن الحنفيّ، واستقرّ في نظر الخزانة إلى أن خلع كتبغا من السلطنة، وقام من بعده لاجين. فأعاده إلى وزارة دمشق.

فقدمت ولايته في ثاني عشرين ربيع الأوّل سنة ستّ وتسعين وستّمائة، فلم يزل حتى مات. وفيه يقول علاء الدين عليّ بن مظفّر الوداعيّ (المجتثّ):

إني حلفت يمينا ... لم آت فيها بحوبة

مذ أقعدتني الليالي ... لا قمت إلّا بتوبة

وله فيه وقد وقع من أعلى حصانه [المتقارب]:

فديناك لا تخش من وقعة ... فإنّ وقوعك للأرض فخر

سقوط الغمام بفضل الربيع ... ففي البرّ برّ وفي البحر درّ

وكانت وفاته بدمشق ليلة الخميس ثامن جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وستّمائة. وصلّى عليه من الغد بالجامع وسوق الخيل. ودفن بتربته تجاه دار الحديث الأشرفيّة بسفح قاسيون.

وكان ظالما عسوفا، وفيه مع ذلك مروءة وسلامة باطن من الغشّ، وسماح ومداعبة، وكرم كثير، وحسن خلق، ومحبّة في التجمّل واقتناء الخيول المسوّمة والمماليك الملاح.

ومرّ يوما آخر النهار بالربوة ظاهر مدينة دمشق ومملوكه أقطوان خلفه راكب [ا]، وكان مليحا، فمرّ ببعض الفقراء وهو نائم، فعند ما أحسّ بركض الخيل انتبه وقال: يا لله، توبة!

فقال له: يا كذا، إيش تعمل بتوبة؟ واحد شيخ نحس. اطلب منه أقطوان أحبّ إليك.

١٠٣٧ - توران شاه بن أيّوب، الملك المعظّم [- ٦٤٨] (١)

[٣٤١ أ] توران شاه بن أيّوب بن محمد بن محمد بن أيّوب بن شاذي بن مروان، السلطان، الملك المعظّم، غياث الدين، أبو [ ... ]، ابن السلطان الملك الصالح نجم الدين أبي الفتوح، [ابن الكامل محمد]، ابن السلطان الملك العادل أبي بكر، ابن والد الملوك نجم الدين أبي الشكر أيّوب، الأيّوبيّ، الكرديّ، الدوينيّ، آخر ملوك بني أيّوب بديار مصر، الفقيه، الشافعيّ.

ولد في [ ... ].

ورتّبه أبوه في حصن كيفا، فلمّا مات الملك الصالح (٢)، قام الأمير فخر الدين يوسف، ابن شيخ الشيوخ، بتدبير الأمور وكتم موت السلطان.

وبعث الفارس أرقطاي رأس المماليك البحريّة لإحضار الملك المعظّم من حصن كيفا، وخطب له على منابر مصر بعد الدعاء لأبيه، ونقش اسمه على السكّة بعد اسم أبيه.

[تولّيه السلطنة]:

فخرج المعظّم من حصن كيفا ليلة السبت لإحدى عشرة مضت من رمضان سنة سبع وأربعين وستّمائة في خمسين فارسا من خواصّه، وصحبتهالفارس أرقطاي، وقصد عانة ليعدّي الفرات، خوفا من بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، ومن الحلبيّين، وكانوا قد أقاموا له جماعة لتقبض عليه ففاتهم، وعدّى الفرات من عانة، وسلك البرّيّة فكاد يهلك عطشا. وقدم دمشق يوم الخميس


(١) الوافي ١٠/ ٤٤٥ (٤٩٣٦)؛ شذرات ٥/ ٢٤١؛ السلوك ١/ ٣٥١؛ الخطط ٢/ ٢٣٦.
(٢) الملك الصالح مات في ١٤ شعبان سنة ٦٤٧ (تحفة ذوي الألباب ٢/ ١٤٣)، والخطط ٢/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>