للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمير المؤمنين الذي كفاك أمر عدوّك، وأدان لك العراقين والشامات ومصر، وأنت ابن عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فقال له: ويحك يا فرج، إلّا أنّه بقيت لي خلّة:

وهو أن أجلس في مجلس [١٢٨ أ] ومستمل (١) بجنبي فيقول: من ذكرت رضي الله عنك؟ فأقول: حدّثنا الحمّادان (٢)، حمّاد بن سلمة بن دينار، وحمّاد بن زيد بن درهم قال: حدّثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من عال ابنتين أو ثلاثا أو أختين أو ثلاثا يهتري ويموت عنهنّ كان معي كهاتين في الجنّة وأشار بالمسبّحة والوسطى.

وقال محمد بن سهل بن عسكر: وقف المأمون يوما ونحن وقوف بين يديه إذ تقدّم رجل غريب بيده محبرة، فقال: يا أمير المؤمنين، صاحب حديث منقطع به.

فقال له المأمون: إيش تحفظ في باب كذا؟

فلم يذكر فيه شيئا. فما زال المأمون يقول:

حدّثنا هشام، وحدّثنا حجّاج بن محمد، وحدّثنا فلان حتى ذكر الباب. ثمّ سأله عن باب ثان فلم يذكر فيه شيئا فذكره المأمون. ثم نظر إلى أصحابه فقال: يطلب أحدهم الحديث ثلاثة أيّام ثمّ يقول:

أنا من أصحاب الحديث! أعطوه ثلاثة دراهم!

[[معرفته بالفرائض]]

وقال ابن عيينة: جمع المأمون العلماء وجلس

للناس، فجاءت امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين، مات أخي وخلّف ستّمائة دينار. أعطوني دينارا وقالوا: هذا نصيبك، رحمك الله. (قال) فحسب المأمون ثم كسر الفريضة ثم قال لها: هكذا نصيبك يرحمك الله.

فقال له العلماء: كيف علمت يا أمير المؤمنين؟

فقال لها: هذا الرجل خلّف أربع بنات؟

قالت: نعم.

قال: لهنّ الثلثان: أربعمائة دينار. وخلّف والدة، فلها السدس: مائة دينار. وخلّف زوجة فلها الثمن:

خمسة وسبعون دينارا. بالله، ألك الاثنا عشر أخا؟

قالت: نعم.

قال: أصابهم ديناران ديناران، وأصابك دينار، رحمك الله!

[ ... وبالطبّ]

وقال محمد بن حفص الأنماطي: تغدّينا مع المأمون في يوم عيد. فأظنّ وضع على مائدته أكثر من ثلاثمائة لون. فكلّما وضع لون نظر إليه فقال:

«هذا نافع لكذا ضارّ لكذا. فمن كان منكم صاحب بلغم فليجتنب هذا. ومن كان منكم صاحب صفراء فليأكل من هذا. ومن غلبت عليه السوداء فلا يعرض لهذا. ومن قصد قلّة الغذاء فليقتصر على هذا». فو الله إن رأيت تلك حاله في كلّ لون يقدّم إليه حتى رفعت الموائد. فقال له يحيى بن أكثم: يا أمير المؤمنين، إن خضنا في الطبّ كنت جالينوس في معرفته، أو النجوم كنت هرمس في حسابه، أو في الفقه كنت عليّ بن أبي طالب في علمه، أو ذكر السخاء حاتم طيّئ في صفته، أو صدق الحديث فأنت أبو ذرّ في لهجته، أو الكرم، أنت كعب بن مامة في فعاله، أو الوفاء [١٢٨ أ] [فأنت] السموألبن عادياء في وفائه.


(١) في المخطوط: ومستملي.
(٢) في الهامش حاشية تصحيح تقول: في هذا الخبر غلط.
ويشبه أن يكون المأمون رواه عن رجل عن الحمّادين:
وذلك أنّ مولد المأمون سنة سبعين ومائة. ومات حمّاد بن سلمة سنة سبع وستّين ومائة، قبل مولده بثلاث سنين. ومات حمّاد بن زيد سنة تسع وسبعين ومائة.
والتصحيح يدلّ على اهتمام المقريزي برواة الحديث وتثبّته في الإسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>