للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثقل عبيد الله بن العبّاس، وفيه ابنان صغيران لعبيد الله قد وارتهما أمّهما، فأخذهما من تحت ذيلها فقتلهما، ورجع إلى الشام.

وارتكب أمورا عظاما في الإسلام، منها قتل ابني عبيد الله بن عبّاس. وقد قيل إنّه إنّما قتلهما بالمدينة، والأكثر أنّ ذلك كان منه باليمن.

كان يحيى بن معين يقول: لا تصحّ له صحبة.

وكان يقول فيه: رجل سوء.

وقال أبو الحسن الدارقطنيّ: له صحبة، ولم تكن له استقامة بعد النبيّ صلّى الله عليه وسلم، هو الذي قتل طفلين لعبيد الله ابن عبّاس بن عبد المطّلب باليمن في إمارة معاوية، وهما عبد الرحمن وقثم ابنا عبيد الله بن عبّاس.

[ذبحه طفلين لبعض أتباع عليّ]:

وقال أبو مخنف: لمّا توجّه بسر بن أرطاة إلى اليمن أخبر عبيد الله بن عبّاس بذلك، وهو عامل لعليّ عليها، فهرب. ودخل بسر اليمن فأتي بابني عبيد الله بن العبّاس وهما صغيران فذبحهما، فنزل بأمّهما عائشة بنت عبد المدان (١) من ذلك أمر عظيم، فأنشأت تقول [الوافر]:

ألا من بيّت الأخوي ... - ن أمّهما هي الثّكلى

تسائل من رأى ابنيها ... وتستنعي فما تنعى (٢)

وفي ذلك تقول أيضا [البسيط]:

ها من أحسّ بنيّيّ اللذين هما ... كالدّرّتين تشظّى عنهما الصّدف (٣)

ها من أحسّ بنيّيّ اللذين هما ... سمعي وعقلي، فقلبي اليوم مختطف

ها من أحسّ بنيّيّ اللذين هما ... مخّ العظام فمخّي اليوم مزدهف (٤)

حدّثت بسرا وما صدّقت ما زعموا ... من قتلهم ومن الإفك الذي اقترفوا

٥ أنحى على ودج ابنيّ بمرهفة ... مشحوذة، وكذاك الإثم يقترف

من ذا لوالهة حيرى مدلّهة ... على صبيّين ذلّا إذ غدا السّلف

ثم وسوست فكانت تقف بالموسم تنشد هذا الشعر وتهيم على وجهها. وقد روي أنّ هذين الابنين كانا عند رجل من بني كنانة بالبادية. فلمّا أراد بسر قتلهما قال له الكنانيّ: فلم تقتل هذين، ولا ذنب لهما؟ فإن كنت قاتلهما فاقتلني معهما- فقتله وقتلهما بعده-. وقيل: إنّ الكنانيّ أخذ سيفه وقاتل عن الغلامين وهو يقول [الرجز]:

الليث من يمنع حافات الدار ... ولا يزال مصلتا دون الجار [٢٤٧ أ]

ألا فتى أروع غير غدّار؟

[٣٠٠ ب] وقاتل حتى قتل.

ولمّا ذبح بسر الغلامين خرجت نساء بني كنانة، فقالت امرأة منهنّ: يا هذا، قتلت الرجل، فعلام تقتل الولدان؟ والله ما كانوا يقتلون في جاهليّة ولا إسلام! والله إنّ سلطانا لا يقوم إلّا بقتل الطفل الصغير والشيخ الكبير، ويرفع الرحمة، ويأتي بعقوق الأرحام، لسلطان سوء! .

فلمّا بلغ عليّا رضي الله عنه، قتل الغلامين جزع جزعا شديدا ودعا على بسر، فقال: - اسلبه دينه وعقله- وفي رواية: اللهمّ، أذهب عقله، ولا تبق له من دينه ما يستوجب به عفوك!

فأصابه ذلك وفقد عقله، فكان يهذي بالسيف


(١) في الأغاني: أمّ حكيم جويريّة بنت خالد الكنانيّة.
(٢) في الأغاني: وتستسقي فما تسقى.
(٣) تشظّى: تفرّق وتطاير شطايا. وعند ابن عساكر: تجلّى.
(٤) مزدهف (زهف) وشيك الفناء والذهاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>