للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فجاء بالجواب موزونا، واستوفى القول في اختصار من اللفظ.

ويقال إنّه لمّا دخل على عضد الدولة بشيراز قال: «أنا لا أنشد ماثلا! » فأمر له عضد الدولة بكرسيّ. فلمّا دخل ورآه أنشده قائما، فأمره بالجلوس. فأبى وقال: «هيبتك تمنع ذلك». فوقع قوله وفعله منه أحسن موقع.

[وقال أبو الحسن الطرائفيّ- وكان لقي المتنبّي في حال عسره ويسره- إنّ المتنبّي قد مدح بدون العشرة والخمسة من الدراهم] (١). ومن شعره [في صباه] [البسيط]:

انصر بجودك ألفاظا تركت بها ... في الشرق والغرب، من عاداك مكبوتا

فقد نظرتك حتّى حان مرتحل ... وذا الوداع، فكن أهلا لما شيتا

وخرج من شيراز لثمان خلون من شعبان قاصدا بغداد. ثمّ سار منها إلى الكوفة حتى إذا بلغ دير العاقول، وخرج منه قدر ميلين، خرج عليه فرسان ورجّالة من بني أسد وشيبان، فقاتلهم مع غلامين من غلمانه ساعة. فقتلوه وقتلوا معه أحد الغلامين، وهرب الآخر، وأخذوا جميع ما كان معه، وقتلوا ابنه المحسّد. وذلك يوم الاثنين لثمان بقين من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة بالقرب من النعمانيّة. وقيل لخمس بقين من رمضان المذكور. وقيل: في شوّال بالصافية من أرض واسط. والذي قتله فاتك ابن أبي جهل، ابن خالة ضبّة الذي هجاه المتنبّي، وكان على شاطئ دجلة.

[[أخبار مقتله]]

وذكر الخالديّان عن أبي نصر محمد بن المبارك الجبليّ قالا: خرج المتنبّي من واسط يوم السبت لثلاث عشرة بقيت من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وقتل ببيوزى (٢) - بفتح أوّله وضمّ ثانيه، وبعده زاي معجمة، مقصور على وزن فعولى- بشطّ الفرات، ضيعة بقرب دير العاقول، في يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من رمضان. وكان معه يوم قتل سبعون ألف دينار. وأخرج من الماء مقتولا ودفن بالصافية. والذي قتله فاتك ابن أبي الجهل بن فراس بن بكّار، وهو قرابة لوالدة ضبّة بن يزيد العينيّ، الذي هجاه المتنبّي بقوله:

ما أنصف القوم ضبّة ... وأمّه الطرطبّة

ويقال: إنّ فاتكا خال ضبّة.

وديوان شعر أبي الطيّب مشهور، والجيّد من شعره لا يجارى فيه ولا يلحق. والرديء منه في نهاية الرداءة والسقوط.

هذا هو الإنصاف في حقّه. والناس فيه مذهبان، وقد تعصّب له وعليه طوائف ما بين غال ومقصّر.

[[رواة شعره]]

وقد روى عنه القاضي أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي (٣)، وأبو الفتح عثمان


(١) هنا أيضا نقص وتشويش، والإكمال من خزانة الأدب ٢/ ٣٥٠.
(٢) بيوزى: هكذا ضبطها ناشر الصبح المنبي، ١٧٠ هامش ٤. في المخطوط «وقتل بيوزى». وقد وردت في بعض الروايات «نيزع» وهي بعيدة عن وزن فعولى الذي ذكره المقريزيّ. هذا وقد خاض المرحوم عبد الوهاب عزّام طويلا في تحديد مكان مقتله (ذكرى أبي الطيّب ٢٠٢).
وفي تاريخ ابن عساكر ٣/ ٥١: بنورا.
(٣) في المخطوط: المحامي. والإصلاح من مختصر ابن عساكر ٣/ ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>