للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحيى بن محمد ابن الزكيّ. فلمّا دخل الملك الكامل محمد ابن العادل دمشق وسلّمها إلى الملك الأشرف موسى عزل ابن الزكيّ واستمرّ بالخويّيّ في سنة سبع عشرة وستّمائة. وفي مدّة مباشرته للقضاء حفظ القرآن الكريم.

ثمّ إنّه رغب عن القضاء ومال إلى الزهد وطلب من الأشرف الإعفاء فأعفاه. وتوجّه إلى الحجّ. ثمّ بعثه الأشرف في رسالة إلى سلطان الروم في سنة أربع وثلاثين [وستّمائة]. وأعيد إلى القضاء في سابع ذي القعدة سنة خمس وثلاثين. ومات في سابع شعبان سنة سبع وثلاثين وستّمائة. وجعل وصيّته على ولده محمّد وأختيه مؤمنة وخديجة إلى الشيخ عزّ الدين ابن عبد السلام.

وكان فقيها فاضلا حسن الصورة كامل الأوصاف. ولمّا استعفى من الملك المعظّم وسأله الإقالة من مباشرة القضاء قال له: فيك العدل والمعرفة، ولا يجوز صرف من فيه العدل والمعرفة.

فقال له الخويّيّ: نعم، ولكن في سكون وعدم نهضة [٦٩ ب] وقلّة هيبة. والسكون يوجب الصرف كما في نوح ولوط.

فقال المعظّم: ولكن فيك العجمة. فإنّك أعجميّ، ولا خلاف في أنّ العجميّ إذا كان معه معرفة وسبب ثالث لا يصرف.

فكانت هذه أحسن محاورة حكيت دلّت على غزارة العقل وحسن البديهة.

[[ابنه صاحب الترجمة]]

وولد ابنه محمد صاحب الترجمة بدمشق في رابع شوّال- وقيل: في شهر رجب- سنة ستّ وعشرين وستّمائة. وسمع بها من أبي المنجّى ابن اللتي مسند الدارميّ وغيره. وسمع من أبي الحسن عليّ بن محمد السخاويّ، وأبي المعلّى ابن الشيرازيّ، وأبي عمرو ابن الصلاح وغيره، ممّن يجمعه معجمه الذي خرّجه له أبو القاسم عبيد بن محمّد الأسعرديّ. وبرع في الفقه وغيره من الفنون العلميّة. وشرح كتاب الفصول في النحو لابن معطي، وشرح الملخّص للقابسيّ. وله «كتاب المطلب الأسمى في إمامة الأعمى». ونظم كتاب ابن الصلاح في علوم الحديث نظما حسنا. ونظم كفاية المتحفّظ في اللغة. وصنّف كتابا فيه عشرون فنّا من العلم.

وكان سخيّ النفس رضيّ الأخلاق يعدّ من العلماء الأجواد. وولي قضاء القدس ثمّ قضاء حلب. ثمّ قدم مصر وولي قضاء المحلّة من الغربيّة بديار مصر نيابة عن [ ... ].

واستقلّ بقضاء القاهرة والوجه البحريّ في أوّل شهر رجب سنة إحدى وثمانين وستّمائة عند استعفاء قاضي القضاة وجيه الدين عبد الوهاب بن حسين البهنسيّ المهلّبي من قضاء القاهرة والوجه البحريّ، وأنّه يضعف عن الجمع بين قضاء المدينتين. فاستدعى الملك المنصور قلاوون شهاب الدين الخوييّ من الغربيّة وقلّده قضاء القاهرة والوجه البحريّ، واستقرّ الوجيه البهنسيّ في قضاء مدينة مصر والوجه القبليّ.

فلمّا مات الوجيه البهنسيّ استقرّ عوضه تقيّ الدين عبد الرحمن ابن بنت الأعزّ. فمات قاضي دمشق بهاء الدين يوسف بن يحيى بن محمد [بن عليّ بن محمد] ابن الزكيّ، ورسم الملك المنصور بتعيين قاض من مصر فعيّن الخوييّ شرف الدين محمد بن عتيق قاضي الشرقيّة، وأحضره. فسعى ابن بنت الأعزّ في سفر الخويّيّ لقضاء دمشق حتّى يجتمع له قضاء المدينتين. وصعد الخويّيّ إلى قلعة الجبل في يوم الأحد نصف المحرّم سنة ستّ

<<  <  ج: ص:  >  >>