ووضع عن أهل خراسان ربع الخراج فحسن ذلك عند أهلها وقالوا: ابن أختنا وابن عمّ نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم.
هذا وقد أقبل الأمين على اللهو. فأقام المأمون يتولّى ما بيده من خراسان والريّ. وأهدى إلى الأمين وكتب إليه وعظّمه. فأمر الأمين في سنة أربع وتسعين [ومائة] بالدعاء على المنابر لابنه موسى.
وسبب ذلك أنّ الفضل بن الربيع خشي [أنّ] المأمون إن أفضى الأمر إليه لم يبق عليه. فأخذ يغري الأمين به ويحثّه على خلعه والبيعة لابنه موسى بولاية العهد، وصغّر عنده أمر المأمون.
ووافقه على هذا عليّ بن عيسى بن ماهان، والسنديّ، وجماعة. فرجع إلى قولهم وكتب إلى جميع العمّال بالدعاء لابنه موسى بالأمر بعده، وتقديمه، في الدعاء، على المأمون والمؤتمن.
وعزل المؤتمن عن الجزيرة.
فلمّا بلغ ذلك المأمون أسقط اسم الأمين من الطراز، وقطع البريد عنه. فلحق به رافع بن الليث بن نصر بن سيّار، وهرثمة بن أعين. فولّى هرثمة الحرس. فأنكر الأمين ذلك كلّه، وكتب إلى العبّاس بن عبد الله بن مالك عامل المأمون على الريّ يأمره أن ينفذ إليه بغرائب غروس الريّ- يريد بذلك امتحانه. فبعث إليه بما أمره وكتم ذلك عن المأمون وذي الرئاستين. فلمّا بلغ المأمون ذلك عزله.
وأرسل الأمين إلى المأمون بالعبّاس بن موسى بن عيسى بن محمد بن عليّ، ومعه عيسى بن جعفر بن أبي جعفر المنصور، وصالح صاحب المصلّى، ومحمد بن عيسى بن نهيك، يطلب إليه أن يقدّم ابنه موسى على نفسه وأن يحضر عنده فقد استوحش لبعده. فبلغ الخبر إلى المأمون فكتب إلى عمّاله بالريّ ونيسابور وغيرهما يأمرهم بإظهار العدّة والقوّة، ففعلوا ذلك.
وقدم الرسل على المأمون فأبلغوه الرسالة.
فاستشار الفضل بن سهل فقال: أحضر هشاما والد علي وأحمد ابني هشام، واستشره.
ففعل، فقال: إنّما أخذت البيعة علينا على أن لا نخرج من خراسان. فمتى فعل محمد ذلك فلا [١١٦ ب] بيعة له في أعناقنا، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. ومتى هممت بالمسير إليه تعلّقت بك بيميني، فإذا قطعت تعلّقت بيساري، فإذا قطعت تعلّقت بأسناني، فإذا ضربت عنقي كنت قد أدّيت ما عليّ!
فقوي عزم المأمون على الامتناع، وأحضر العبّاس وأعلمه أنّه لا يحضر، ولا يقدّم موسى على نفسه.
فقال العبّاس: ما عليك أيّها الأمير من ذلك.
فهذا جدّي عيسى عبد الله بن موسى قد خلع فما ضرّه.
فصاح به ذو الرئاستين: اسكت! إن جدّك كان أسيرا في أيديهم. وهذا بين أخواله وشيعته.
ثم قاموا. فخلا ذو الرئاستين بالعبّاس واستماله، ووعده إمر [ة] الموسم ومواضع من مصر. فأجاب إلى بيعة المأمون- فسمّي المأمون من ذلك الوقت بالإمام- فكان العبّاس يكتب إليهم بالأخبار من بغداد.
[[امتناع المأمون من ترك خراسان]]
ورجع الرجل إلى الأمين فأخبروه بامتناع المأمون. وألحّ الفضل وعليّ بن عيسى على الأمين في خلع المأمون والبيعة لابنه موسى ابن الأمين. وكان الأمين قد كتب إلى المأمون يطلب منه أن ينزل له عن بعض كور خراسان، وأن يكون