للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الملك الناصر، شهاب الدين، ابن السلطان الملك الناصر ناصر الدين، ابن السلطان الملك المنصور.

[[نشأته بالكرك وبدء انحرافه]]

أمّه أمّ ولد اسمها بياض (١).

ولد في سنة ستّ عشرة وسبعمائة. فلمّا بلغ من العمر ثماني سنين، بعثه أبوه إلى الكرك في ليلة الجمعة سابع جمادى الأولى سنة ستّ وعشرين وسبعمائة، صحبة الأمير بهادر البدريّ نائب الكرك، ليربّيه ويمرّنه على الفروسيّة، [و] وجّه معه خزانة مال.

فتوجّه به الأمير قجليس، والأمير طقتمر الخازن حتّى أنزلاه بقلعة الكرك. ووضعا المال في حاصلها (٢)، وعادا في ثاني جمادى الآخرة.

ثمّ قدم أحمد من الكرك باستدعاء أبيه له، في يوم السبت سادس عشر شعبان سنة إحدى وثلاثين. فختن في ثامن عشره وأعيد إلى الكرك، ومعه الأمير ملكتمر السرجوانيّ (٣)، زوج أمّه بياض.

فبلغ السلطان أنّه يعاشر أوباش الكركيّين، فطلبه في سنة ثمان وثلاثين، وقد تنكّر له، ولم يبعث أحدا لقدومه. فلمّا رآه أعجب بحسنه، ورقّ له عند ما قبّل له الأرض. فأغضى عنه وزوّجه بابنة الأمير ظهير بغا في العشرين من ربيع الأوّل منها.

وأدخله عليها من غير أن يعمل المهمّ كما هي [١٣٤ ب] العادة. ثمّ أعاده إلى الكرك، ومعه قطلوبرس، من أمراء الطبلخاناه، فبلغه أنّ أحمد قد تولّع ببعض شباب الكركيّين، واستهتر في التهتّك به، وأسرف في العطاء له، وفي الانهماك معه في الخمر. فاستدعاه، فقدم في سنة تسع وثلاثين إلى قبّة النصر خارج القاهرة، ولم يبعث السلطان أحدا إلى لقائه، سوى بكتاش النقيب.

فسار به من قبّة النصر إلى القلعة. فإذا طاجار الدوادار ينتظره بباب القلّة من القلعة فتسلّمه ووقف به بين يدي السلطان. فقبّل الأرض ووقف ساعة، ثمّ رسم له أن يتقدّم ويقبّل يده، وهو متغيّر عليه، ثمّ أمره بالمصير إلى الدور. وسلّم الشابّ الذي يهواه أحمد لآق بغا عبد الواحد حتى يستخلص منه ما وصل إليه وإلى أبيه من المال- واسمه الشهيب، وكان أبوه خيّاطا بالكرك- فلم يتمالك أحمد نفسه وبعث إلى كلّ من قوصون وبشتاك يعلمهما بأنّه متى حصل لهذا الصبيّ ضرر، قتلت نفسي.

[[غضب أبيه السلطان عليه]]

فتلطّفا بالسلطان حتى رسم لآق بغا أن لا يعاقبه.

فامتنع أحمد من الأكل والشرب والاجتماع بأحد حتى تغيّر بدنه ولزم الفراش. [٤٦ ب] فلم يجد السلطان بدّا من إرسال الصبيّ إليه. فأقبل عليهأحمد بكلّيّته، وجعل شغله كلّه به، حتّى بعث إليه السلطان مع الأمير بشتاك يعنّفه ويقبّح فعله ويهدّده بالقتل إن لم يترك الصبيّ، وأنّه يرسل إليه عوضه مائة مملوك. فلم يزده ذلك إلّا رغبة في الصبيّ.

فلمّا أعياه أمره تركه وهواه. فاتّخذ الصبيّ حماما يلعب بها، فراهن بعض الخدّام في مسابقة حماميهما، فسبق حمام الطّواشيّ حمام الصبيّ، فسرّ الطواشيّ بذلك، وأولم لخشداشية الخدّام،


(١) في النجوم، أنها كانت مغنيّة يجتمع بها الرجال فبلغ خبرها السلطان الناصر محمد بن قلاوون فاختصّ بها فولدت له أحمد هذا.
(٢) الحاصل هو المخزن، وأيضا الأموال المودعة فيه (انظر دوزي).
(٣) ملكتمر السرجوانيّ: انظر الدرر ٥/ ١٢٩ (٤٨٤٢)، والنجوم ١٠/ ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>