للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من أهله من بلاد الشرق فتملّوا بنعمته.

واتّفق أنّ السلطان في حجّته هذه احتاج إلى مال ليفرّقه على الأمراء، فحمل إليه بكتمر أربعين ألف دينار قرضا. وكان مع السلطان في هذه السفرة ثلاثة آلاف ومائة عليقة في كلّ يوم، وكان مع بكتمر ثلاثة آلاف عليقة.

وبلغت خيله مائة طوالة، كل طوالة ستّة أرؤس- سوى ما له من الجشارات (١) - بمائة سائس ومائة سطل. وكانت عليقة خيله في كلّ يوم الف [ا] ومائة عليقة.

ووجد له بعد موته ستّة وثلاثون ألف إردبّ غلّة، وحواصل سلاح وغيره، بما ينيف على مائة ألف دينار. وبيعت خيله بعد ما أخذ السلطان منها أربعين فرسا بألفي ألف ومائتي ألف وثمانين ألف درهم، سوى ما في الجشارات، وسوى ما نهبه الخاصّكيّة وأخذوه بمن بخس.

ووجد له سرج واحد وسيف واحد قيمتهما ستّمائة ألف أخذهما السلطان. وأخذ له ثلاث [ة] صناديق فيها الجواهر لا يدري ما قيمتها. وأبيع له من سائر الأصناف مدّة أشهر ما بلغ مالا عظيما.

وخصّ موسى صيرفيّه ممّا تقاسمه مباشرو ديوانه بعد موته خمسة وعشرون ألف دينار. فانظر إلى مال يسرق منه الصيرفيّ هذا القدر ما يكون جملته؟

وكان بكتمر فيه من الحشمة والرئاسة ورصانة العقل والسكون ما لا يوجد في أحد من أمثاله.

وكان [٢٩١ ب] مع هذه المنزلة العالية ليست له حماية ولا رعاية، ولا لغلمانه ذكر، بل يغلق باب إسطبله من المغرب ولا يكاد يوجد به لأحد حسّ.

وعمّر القصر الجليل على بركة الفيل، فبلغت نفقة الصنّاع فيه كلّ يوم ألفا وخمسمائة درهم،

سوى العجل التي تجرّ الحجارة، فإنّها كانت من عند السلطان، وسوى الحجّارين والفعلة، فإن الحجّارين من عمائر السلطان، والفعلة هم المقيّدون من أرباب السجون، ويبلغ مصروف هذا نحو الألف وخمسمائة أيضا، وأقامت العمارة فيه نحو سنة.

وكان قريبا من الناس يتلطّف بهم ويسوسهم أحسن سياسة، ومن دخل في أمره قضى شغله على أكمل الوجوه. وكان السلطان لا يخالفه في شيء، وإذا أنعم على أحد بوظيفة أو إمرة يقول له: رح إلى الأمير بكتمر قبّل يده!

وكان يمنع السلطان من مظالم كثيرة ظهرت منه بعد موته.

وخرج، في حجّته التي مات فيها، ساقة الناس بتجمّل زائد وحشمة وافرة، فكان ثقله وحاله نظير ما للسلطان، وتزيد عليه الزركش والآلات الذهب. ووجد في خزانته التي حملها معه، بعد موته، خمسمائة تشريف، منها ما هو أطلس بطرز زركش وحوائص وكلوتات ذهب.

ولمّا زوّج ابنته من آنوك ابن السلطان حمل شورها من قصره المطلّ على بركة الفيل إلى قلعة الجبل نهارا، وكان شيئا خارجا عن الحدّ في الكثرة، من جملته [٢٥٩ أ] زركش ومصاغ زنة ثمانين قنطارا من ذهب.

وكان من جملة مرتّبه على السلطان في كلّ يوم مخفيّتان تحمل [ان] إليه ثمنهما سبعمائة درهم حسابا، عن كلّ مخفيّة ثلاثمائة وخمسون درهما.

٩٤٠ - بكتوت العلائيّ [- ٦٩٣] (٢)

[٢٩٢ أ] بكتوت العلائيّ، الأمير بدر الدين،


(١) الجشارات: مراعي الخيل، والطوالة: اصطبل الخيل.
(٢) الوافي ١٠/ ٢٠٠ (٤٦٨٠)؛ المنهل ٣/ ٤١١ (٦٨٧)؛ والترجمة مكرّرة باختصار شديد بعد الترجمة القادمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>