قتل عثمان، وختنت يوم قتل الحسين.
وقال: دخلت على القاسم بن محمّد في حائط له. وكان يبغضني في الله وأحبّه فيه. فقال: ما أدخلك [١٩٠ ب] عليّ؟ اخرج عنّي!
قلت: أسألك بوجه الله عزّ وجلّ لما جذذت لي عذقا.
قال: يا غلام، جذّ له عذقا، فإنّه سأل بمسألة [لا يفلح من ردّها أبدا] (١).
وقال الزبير بن بكّار: حدّثني غير واحد من أصحابنا أنّ سالم بن عبد الله بن عمر كان يستحلي أشعب ويضحك منه. وحدّثني عمّي مصعب بن عبد الله [قال]: حدّثني أبي عبد الله بن مصعب قال: كان أشعب بن جبير مولى عبد الله بن الزبير يجلس مع سالم بن عبد الله بن عمر في مجلسه، وكان سالم يستخفّه ويذهب معه إلى الغابة. (قال) فقال لي أشعب: كان سالم يذهب معه غلامان لأخيه عبيد الله. وكان معه سكّينان يقال لإحداهما الوجى والأخرى العجلة. فكان الشيخ إذا غفل وقعنا بتينك السكينين في الأقناء فقطعناها بهما أوجى قطع خلقه الله. (قال) وقالا لي يوما:
ويحك يا أشعب غنّنا!
فقلت: كيف أصنع بالشيخ؟ أفرق منه!
قالا: أنصت، فإنّه لا يبالي.
ففعلت، فلم يقل لي شيئا. ثمّ قال لي أحدهما يوما آخر: غنّني [٢٠٣ ب] صوت كذا، ولك أن أرى هذا.
فقلت له: تفعل؟
قال: نعم- وحلف لي.
فغنّيته بغناء أرقّ من ذلك، فصاح بي سالم: هنا
حسب! هنا حسب! فسكتّ.
[أخار تطفّله]:
وخرج سالم بن عبد الله متنزّها إلى ناحية من نواحي المدينة هو وحرمه وجواريه. وبلغ أشعب الخبر فوافى الموضع الذي هم به، يريد التطفّل، فصادف الباب مغلقا. فتسوّر الحائط، فقال له سالم: ويلك يا أشعب، معي بناتي وحرمي!
فقال: لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ [هود: ٧٩].
فوجّه إليه سالم من الطعام ما أكل، وحمل إلى منزله.
ودخل على سالم بن عبد الله، فقال له: يا أشعب، حمل إلينا جفنة من هريسة، وأنا صائم.
فاقعد فكل! (قال) فحملت على نفسي، فقال: لا تحمل على نفسك: ما يبقى يحمل معك. (قال) فلمّا رجعت إلى منزلي قالت امرأتي: يا مشئوم، بعث عبد الله بن عمرو بن عثمان يطلبك، ولو ذهبت إليه لحباك.
قال: فما قلت له؟
قالت: قلت له إنّك مريض.
قال: أحسنت.
فأخذ قارورة دهن وشيئا من صفرة، فدخل الحمّام فتمزّج به ثمّ خرج فعصب رأسه بعصابة وأخذ قصبة واتّكأ عليه، وأتاه وهو في بيت مظلم، فقال له: أشعب؟
فقال: نعم، جعلني الله فداك! ما رفعت جنبي من الأرض منذ شهرين- وسالم في البيت، وأشعب لا يعلم- فقال له سالم: ويحك يا أشعب!
فقال: نعم، جعلت فداك، مريض منذ شهرين ما خرجت.
(١) الإكمال من الأغاني ١٩/ ٨٤.