للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦١٠ - أبو عليّ الروذباريّ [- ٣٢٢] (١)

[٤٥ أ] أحمد بن محمّد بن القاسم بن منصور بن شهريار، أبو عليّ، الروذباريّ، أحد مشايخ الصوفيّة. وقيل: اسمه الحسن بن همّام. والأوّل أصحّ.

أصله من بغداد. وفي آبائه وزراء ورؤساء يتّصل نسبهم بكسرى أنوشروان.

صحب في الطريقة أبا القاسم الجنيد. وأخذ الفقه عن أبي العبّاس أحمد بن سريج، والنحو عن ثعلب، والحديث عن إبراهيم الحربيّ، وكان يفتخر بمشايخه هؤلاء، وقدم مصر.

ومات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.

وكان فقيها محدّثا. روى عن مسعود الرمليّ وغيره. وروى عنه محمد بن عبد الله بن شاذان الرازيّ وغيره. قال أبو عليّ الكاتب: ما رأيت أحدا أجمع لعلم الشريعة والحقيقة من الروذباريّ.

وقال أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيريّ: أظرف المشايخ وأعلمهم بالطريقة.

ومن كلامه الصوفيّ: من لبس الصوف على الصفا، وسلك طريق المصطفى، وأطعم الهوى طعم الجفا، كانت (٢) الدنيا منه على القفا.

وقال: أنفع اليقين ما عظّم الحقّ في عينك، وصغّر ما دونه عندك، وأثبت الرجاء والخوف في قلبك.

وسئل عمّن يسمع الملاهي ويقول: هي لي حلال لأنّي قد وصلت إلى درجة لا يؤثّر فيّ اختلاف الأحوال- فقال: نعم، قد وصل، ولكن إلى سقر!

وقال: السماع مكاشفة الأسرار إلى مشاهدة المحبوب.

وقال: جزت بقصر، فرأيت شابّا حسن الوجه مطروحا، وحوله ناس. فسألت عنه فقالوا: إنّه جاز بهذا القصر، وجارية تغنّي [مجزوء الرمل]:

كبرت همّة عبد ... طمعت في أن تراكا

أوما حسب لعيني ... أن ترى من قد رآكا؟

وقالت فاطمة أخته: لمّا قرب أجل أخي أبي عليّ وكان رأسه في حجري، فتح عينيه وقال: هذه أبواب السماء فتحت، وهذه الجنان قد زيّنت، وهذا قائل يقول لي: يا أبا عليّ، قد بلّغناك الرتبة القصوى، وإن لم تردها- ثمّ أنشد [الوافر]:

وحقّك لا نظرت إلى سواكا ... بعين مودّة حتّى أراكا

أراك معذّبي بفتور لحظ ... وبالخدّ المورّد من جناكا

ثمّ قال: يا فاطمة، الأوّل ظاهر، والثاني فيه إشكال.

وقال: رأيت في البادية حدثا. فلمّا رآني قال:

ما يكفيه (٣) أنّه شغفني بحبّه حتّى علّني؟ - ثمّ رأيته يجود بروحه. فقلت: قل: لا إله إلّا الله.

فأنشأ يقول [مجزوء الهزج]:


(١) طبقات الأولياء ٥٠ (١٣) - طبقات السلميّ ٣٥٤ - طبقات الشعراني ١/ ١٠٦ - تاريخ بغداد ١/ ٣٢٩ (٢٣٨) وهو فيه: محمد بن أحمد- السبكي ٣/ ٤٨ (٩٨). جامع كرامات الأولياء للنبهاني ١/ ٢١٢.
(٢) في المخطوط: وكانت.
(٣) في المخطوط: ما يكفيك، والإصلاح من طبقات الأولياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>