للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٠٣ أ] أنكرتني معارفي ... مات من كنت أعرف

وقال القاضي الفاضل لجلسائه: بم تشبّهون العماد؟ - وكان عنده فترة عظيمة وجمود في النظر والكلام، فإذا أخذ القلم أتى بالنظم والنثر- فكلّهم شبّهه بشيء، فقال: ما أصبتم، هو كالزناد ظاهره بارد، وباطنه فيه نار.

ولمّا فرغ من كتاب الخريدة جهّزها إلى القاضي الفاضل في ثمانية أجزاء، فقال: أين الآخران؟

- لأنه قال: خري ده، يعني: خري عشرة، فإنّ ده بالفارسيّة: عشرة. ومن هنا أخذ ابن سناء الملك قوله فيها [السريع]:

خريدة أفّيه من نتنها ... كأنّها من بعض أنفاسه

فنصفها الأوّل في ذقنه ... ونصفها الآخر في رأسه

ولمّا قدم دمشق سنة اثنتين وستّين وخمسمائة تعرّف بمدبّر الدولة القاضي كمال الدين الشهرزوريّ، وكان قد اتّصل في طريقه بنجم الدين أيّوب لمعرفة كانت بينه وبين عمّه العزيز بتكريت. فاستخدمه كمال الدين عند السلطان نور الدين في الإنشاء. فجبن أولا، ثمّ ترقّت منزلته عند السلطان، وبعثه في رسالة إلى الإمام المستنجد بالله، وفوّض إليه تدريس المدرسة المعروفة بالعماديّة بدمشق، ورتّبه في أشراف الديوان.

فلمّا مات نور الدين وقام من بعده ابنه تنكّرت أحواله، فعاد إلى العراق.

فلمّا بلغه وصول السلطان يوسف صلاح الدين إلى دمشق وأخذها، عاد إلى الشام، والسلطان على حلب. فمدحه. ولقي القاضي الفاضل على حمص ومدحه بقصيدة، فدخل على السلطان وقال له: غدا يأتيك تراجم الأعاجم وما يحلّها مثل العماد.

فقال له: ما لي عنك مندوحة. أنت كاتبي ووزيري، ورأيت على وجهك البركة، فإذا استكتبت غيرك تحدّث الناس.

فقال: العماد يحلّ التراجم، وربّما أغيب أنا، فإذا غبت قام مقامي. وقد عرفت فضله وخدمته لنور الدين.

فاستخدمه عند ذلك وأطلعه على سرّه، وكان يضاهي الوزراء [١٠٣ ب] فإذا انقطع الفاضل بمصر لصالح السلطان قام العماد مقامه، فلم يزل على ذلك حتى مات السلطان واختلّت أحواله، ولم يجد في وجهه بابا مفتوحا. فلزم بيته وأقبل على التصنيف بقيّة عمره.

وتأخّرت وفاته بعد الفاضل سنة.

٣٢٦٧ - ابن بهرام قاضي حلب [٦٢٥ - ٧٠٥] (١)

[١٠٤ أ] محمد بن محمد بن بهرام، شمس الدين، أبو عبد الله، الدمشقيّ، الشافعيّ.

صحب الشيخ عزّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام وتفقّه عليه، وكان من أماثل أصحابه، أخذ عنه الناس. وتولّى العقود بالقاهرة، ثم ولي الفروض. وولي قضاء القضاة بحلب، وولي خطابة المدينة النبويّة.

٣٢٦٨ - ابن جبريل الدربنديّ الصوفيّ

[٦٢٥ - ٦٧٧] [١٠٤ ب] محمّد بن محمد بن جبريل ابن أبي الفوارس بن جبريل بن أحمد بن عليّ بن خالد بن خلف، أبو الوليد، ابن أبي


(١) الوافي ١/ ٢٠٩ (١٣٥)، الدرر ٤/ ٢٨٩ (٤٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>