للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأشغف، وجمع شمل الحبّ وألّف، فوقف الخادم عليه وأفاض في شكر فيض فضله المستفيض، وتبلّج وجه وجاهته، وتأرّج نبأ نباهته، ما عرّفه من عوارفه البيض، وأمنت بمكارمه المكاره، وزاد في قدر التائه [١٠٢ ب] قدره النابه، وافترّت مباسم مراسمه عن ثنايا مناجحه، ورفد طلائع صنائعه، فسرّ بمنن منائحه.

وممّا أكثر فيه من ردّ العجز على الصدر قوله:

وسرّ أولياءه، وأولى مسرّته، وأقدر يده وأيّد قدرته، وآزر دولته وأدال مؤازرته، وبسط مكنته، ومكّن بسطته، وأسعد جدّه، وأجدّ سعادته، وأراد نجحه وأنج إرادته، وأجلّ جيله وسرّ أسرته، وحاط حماه وحمى حوطته، ولا زال معروفه موال [يا]، ومواليه معروفا، ووصفه حسنا وإحسانه موصوفا، وإلفه بارّا، وبارّه مألوفا، وعطفه كريم [ا] وكرمه معطوفا.

وله رسائل التزم في واحدة الدال في كلّ كلمة، والضاد في أخرى، والميم في أخرى، والشين في أخرى، وأشياء من هذا النمط.

وديوانه أربع مجلّدات كبار، وما أحسن قوله في أترجّة [الطويل]:

وأترجّة صفراء لم أدر لونها ... أمن فرق السّكّين أم فرقة السّكن؟

بحقّ عرتها صفرة بعد خضرة ... فمن شجر بانت وصارت إلى شجن

وقوله [الكامل]:

متلوّن كمدامعي متعفّف ... كضمائري، متعذّر كوسائلي

أنا في الضنى كالخصر منه [ي] شتكي ... من جائر ما يشتكي من جائل

ويحكى أنّه قال يوما للقاضي الفاضل: سر فلا كبا بك الفرس! فأجابه الفاضل: دام علا العماد! - وكلا الكلامين يقرأ مقلوبا.

واجتمعا يوما في موكب السلطان وقد ثار الغبار حتى سدّ الفضاء، فأنشد ارتجالا [الكامل]:

أمّا الغبار فإنّه ... ممّا أثارته السنابك

والجوّ منه مظلم ... لكن أنار به السنابك

يا دهر لي عبد الرحي ... م، فلست أخشى مسّ نابك

وكان قدم وهو ابن عشرين سنة إلى بغداد، ونزل النظاميّة، وبرع في الفقه، وأتقن الخلاف والنحو والأدب، وسمع الحديث. فلمّا مهر تعلّق بالوزيرعون الدين أبي المظفّر يحيى بن محمد بن هبيرة، فولّاه البصرة ثمّ نظر واسط. فلمّا مات الوزير ضعف أمره واعتقل في جملة من اعتقل.

فكتب إلى رئيس الرؤساء عضد الدين أبي الفرج محمد الأستادار [الكامل]:

قل للإمام (١): علام حبس وليّكم ... أولو جميلكم جميل ولائه

أوليس إذ حبس الغمام وليّه ... خلّى أبوك سبيله بدعائه

يشير إلى قصّة العبّاس بن عبد المطلب في الاستسقاء (٢).

وكان إذا دخل عليه من يعوده في مرضه ينشد [المقتضب]:

أنا ضيف بربعكم ... أين أين المضيّف؟


(١) أي: المستنجد العبّاسي.
(٢) لخّص الصفدي القصّة في الوافي ١/ ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>