للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبيد الله بن زياد. فبعث إلى مسلم فجيء به، فأنّبه وأمر بقتله. فقال: دعني أوص.

قال: نعم.

فنظر إلي عمر [٤٠٠ أ] بن سعد بن أبي وقّاص فقال: إنّ لي إليك حاجة، وبيني وبينك رحم.

فقال عبيد الله: انظر في حاجة ابن عمّك.

فقام إليه، فقال: يا هذا، إنّه ليس ههنا رجل من قريش غيرك. وهذا الحسين بن عليّ قد ارتحل. فأرسل إليه رسولا فلينصرف فإنّ القوم قد غرّوه وخدعوه وكذبوه، وإنّه إن أتى قتل ولم يكن لبني هاشم بعده نظام. وعليّ دين أخذته منذ قدمنا الكوفة فاقضه عنّي واطلب جثّتي من ابن زياد فوارها.

فقال له ابن زياد: ما قال لك؟

فأخبره عمر بما قال.

فقال: أمّا مالك فهو لك لا نمنعك منه. وأمّا حسين فإن تركنا لم نردّه. وأمّا جثّته فإذا قتلناه لم يبال ما صنع به.

ثمّ أمر به فقتل. وقضى عمر بن سعد دين مسلم، وأخذ جثته وكفّنه ودفنه. وأرسل إلى الحسين رجلا فلقيه على أربع مراحل فأخبره.

[[تقاعس أنصار الحسين]]

وبعث عبيد الله برأس مسلم بن عقيل وهاني بن عروة إلى يزيد. وبلغ الحسين قتل مسلم وهاني، فقال له ابنه عليّ الأكبر: يا أبه ارجع، فإنّهم أهل العراق وغدرهم وقلّة وفائهم، ولا يفون لك بشيء.

فقالت بنو عقيل لحسين: ليس هذا حين رجوع- وحرّضوه على المضيّ. فقال حسين لأصحابه:

قد ترون ما يأتينا وما أرى القوم إلّا يستخذلوننا.

فمن أحبّ أن يرجع فليرجع.

فانصرف عنه قوم. وبقي في أصحابه الذين خرجوا معه من مكّة. وكانت خيلهم اثنين وثلاثين فرسا.

ووجّه عبيد الله بن زياد حصين بن تميم [الطهويّ] (١) إلى القادسيّة وقال: أقم بها، فمن أنكرته فخذه.

وكان الحسين قد وجّه قيس بن مسهر بن خليد بن جندب بن منقذ بن حبش بن بكرة [الصيداوي] إلى مسلم بن عقيل قبل أن يبلغه قتله، فأخذهحصين فوجّه به إلى ابن زياد. فقال له: قد قتل الله مسلما، فقم في الناس فاشتم الكذّاب ابن الكذّاب.

فصعد قيس المنبر فقال: أيّها الناس، إنّي تركت الحسين بن عليّ بالحاجر، وأنا رسوله إليكم وهو يستنصركم.

فأمر به عبيد الله بن زياد فطرح من فوق القصر فمات.

ووجّه الحصين بن تميم الحرّ بن يزيد اليربوعيّ من بني رياح في ألف إلى الحسين وقال: سايره، ولا تدعه يرجع حتّى يدخل الكوفة، وجعجع به.

فأخذ الحسين طريق العذيب حتى نزل الحوف مسقط النجف ممّا يلي المايتين. فنزل قصر بني مقاتل. فخفق خفقة ثمّ انتبه يسترجع وقال: إنّي رأيت في المنام آنفا فارسا يسايرنا ويقول: القوم يسيرون، والمنايا تسري إليهم- فعلمت أنّه نعى إلينا أنفسنا.

ثمّ سار الحسين حتى نزل كربلاء من أرض العراق بناحية الكوفة وتعرف أيضا بالطفّ.


(١) الطهويّ في المخطوط، التميميّ عند الطبريّ ٥/ ٣٩٤.
وفي اللباب والأنساب: طهية بطن من تميم.

<<  <  ج: ص:  >  >>