للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[زيارة الخضر له]]

ثمّ خرج وتزوّج بأمّ قطب الدين محمد ابن القسطلاني (١)، فخرجت عنه يوما لحاجتها، ثمّ عادت فسمعت عنده في طبقته حسّ رجل فتوقّفت وافتقدت الباب فوجدته مغلقا. فلمّا انقطع الكلام دخلت إليه فإذا هو وحده كما تركته، فسألته عن ذلك فقال: هو الخضر، دخل عليّ وفي يده حبّة، فقال هذه جئتك بها من أرض نجد، وفيها شفاء مرضك.

فقلت: لا أريد [الشفاء] اذهب أنت وحبّتك! لا حاجة لي بها.

[[علمه الغيب]]

وخرج مرّة إلى بلبيس لزيارة الفقيه عيسى بن قطران راكبا في مجادة (٢) والوزير جمال الدين عليّ بن أبي المنصور عديله وبقيّة أصحابه يمشون، وفيهم الفقيه تقيّ الدين أبو الطاهر محمد بن الحسين المحلّيّ، وكان إذ ذاك فقيرا.

فأخذ كرسيّ الشيخ الذي يتوضّأ عليه، وهو معلّق بساعد المجادة، وقد وقع محمله على رأسه، ومشى. فقال الشيخ من المجادة: يا قوم، أبو الطاهر، أين هو؟

قالوا له: يا سيّدي، يمشي في آخر الجماعة، وعلى رأسه كرسيّك.

فسكت. فلمّا وصلوا بلبيس قال: صبّحوا أبا الطاهر الخطيب!

فتعجّبوا من ذلك، فتولّى أبو الطاهر خطابة جامع عمرو بن العاص بمصر بعد ذلك بأربعين سنة.

وتوجّه أبو الطاهر معه مرّة إلى القدس، فعبر يوما على مدرسة به، والفقهاء على بابها.

فاستحيى أبو الطاهر من المرور عليهم لحقارته ورثاثة حاله، فلمّا رجع الشيخ وبات معه إلى الصبح قال له: يا أبا الطاهر امض إلى المدرسة التي عبرت عليها [ف] كن بها معيدا!

فعجب من قوله ولم يمكنه إلّا امتثال أمره.

وجاء إليها وهو يتوهّم أنّ البوّاب يمنعه من الدخول. فلم يمنعه، ودخل فوجد المدرّس جالسا وحلقة كبيرة بين يديه. فجاء ليجلس بين اثنين فلم يفسحا له [٦٠ ب] لحقارته. وإذا برجل قد دخل فقطّب المدرّس في وجهه وقام له وأجلسه في مكانه، فألقى مسألة، فأجابه أبو طاهر عنها جوابا شافيا، فأعجب به المدرّس وسأله عن اسمه وولّاه معيدا.

وخرج يوما إلى الحمّام على دابّة، وأبو العبّاس أحمد بن أبي بكر الحرّار آخذ بصريمتها (٣)، فلمّا وصل رأس زقاق القناديل وكان يومئذ تسكنه الأساكفة، وإذا امرأة منحنية تقلب وطاء (٤) في جانب الطريق، وفرس في الجانب الآخر، والزقاق ضيّق.

فقال الشيخ: يا أحمد!

قال: نعم.

قال: المرأة والفرس سدّا الطريق.

قال: نعم.

فلمّا وصل إليهما افترقا، وعبر به.

وقيل له- وقد تكاثرت منه رؤية الأشياء وإخباره بها مع كونه ضريرا- عن ذلك، فقال:


(١) تأتي ترجمته برقم ١٧٨٤ ومرّت ترجمة أبيه برقم ٥٢١.
(٢) قراءة تقريبيّة، ولم نعرف الكلمة، وكأنّها تعني هودجا أو مركبا مماثلا.
(٣) الصريمة: مقود الدابّة (دوزي). وأبو العبّاس الحرّار مرّت ترجمته برقم ٦٤٠.
(٤) الوطاء بالفتح والكسر: ما يفترش. ومنحنية: في المخطوط: منحية.

<<  <  ج: ص:  >  >>