للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[قدومه إلى القاهرة وسوء معاملته للأمراء]]

ثمّ وصل في ليلة الجمعة قاصد أخبر آي دغمش بوصول السلطان، وأمره بفتح باب السرّ، ففتحه وجلس عليه، ومعه الطنبغا الماردينيّ، وإذا بالسلطان قد أقبل في نحو عشرة من رجال الكرك، وعليه وعليهم ثياب العرب، وقد ضربوا لثامات.

فدخل بجماعته من غير أن يقف، ولم يزد الأميرين على السلام (١)، فعادا عنه.

واجتمع الأمراء بكرة يوم الجمعة، ودقّت البشائر، وزيّنت القاهرة ومصر. فاستدعى آي دغمش بمفرده، فدخل وقبّل له الأرض، فأجلسه وطيّب خاطره، وأعلمه أنّه لم يكن له غرض في السلطنة، وأنّه قنع بالكرك، وما جاء إلّا لأنّهم طلبوه. فقام وقبّل الأرض ثانيا، وقرّر معه ما أراد. وكتب للعسكر بقدوم السلطان.

فلمّا كان يوم عيد الفطر، منع من عمل السماط، وأن لا يطلع الأمراء إليه، وخلا مع الكركيّين، بحيث إنّه كان إذا جاء إخوان سلار (٢) بالطعام، يقف على الباب، ويخرج إليه يوسف وأبو بكر حتى يتسلّماه منه. وقدم العسكر بلبيس، فخرج إليهم آي دغمش والأمراء.

فقام قطلوبغا الفخري في إنكار أفعال الناصر أحمد، وأراد إقامة غيره في السلطنة. فما زال به طشتمر وغيره من الأمراء حتّى كفّ عن ذلك.

وساروا إلى قلعة الجبل. فقدموا يوم الأحد عاشر شوّال، وركبوا يوم الاثنين الغد، وطلبوا الخليفة والقضاة، وألبسوا أحمد شعار السلطنة، وقبّلوا له الأرض. فوقف حتّى باس الأمراء يده وانصرفوا.

فخلع عليهم جميعا في يوم الخميس ثالث عشره، وأنعم على الأمير طشتمر بعشرة آلاف دينار وعلى الأمير قطلوبغا الفخري بما حضر صحبته من الشام وهو أربعة آلاف دينار ومائة ألف درهم، فكان يوما مشهودا: فإنّه حضر فيه عساكر مصر والشام وقضاتهما.

ثمّ إنّه أخرج قطلوبغا الفخريّ لنيابة الشام، وولّى طشتمر حمّص أخضر نيابة السلطنة بديار مصر. واختصّ بمن معه من الكركيّين وأفرط في الإنعام عليهم حتى خرج عن الحدّ. ثم تنكّر لطشتمر وقطلوبغا وقبض عليهما.

[[رجوعه إلى الكرك استخفافا بالسلطنة]]

وخرج من قلعة الجبل يريد الكرك في يوم الأربعاء ثاني ذي الحجّة بعد ما ألبس ثمانية من المماليك الخلع وأنعم عليهم بالإمرتات، وخلع على الأمير أقسنقر السلاريّ، وقرّره نائب الغيبة.

وسار إلى قبّة النصر خارج القاهرة. ثمّ وقف حتّى قبّل الأمراء يده ورجعوا [٤٨ ب] عنه. فنزل عن فرسه ولبس ثياب العرب وهي: كامليّة مفرّجة، وعمامة مدوّرة بلثامين. وركب وقد احتفّ به الكركيّون. وتوجّه الأمراء الذين معه، وهم:

قماري أمير أخور، وملكتمر الحجازي، وأبو بكر بن أرغون النائب، ومعهم المماليك والطلب.

وأخذ هو على البرّيّة فقدمها يوم الثلاثاء ثامنه، وكتب يعرّف الأمراء بذلك. فقدم كتابه يوم الخميس سابع عشره. ووصل الأمراء والطلب ظاهر الكرك، فلم يمكّن أحدا منهم أن يدخلها سوى علاء الدين عليّ بن فضل الله كاتب السرّ، وجمال الكفاة ناظر الخاصّ. وبعث إلى الطواشيّ عنبر السحرتيّ مقدّم المماليك أن يتوجّه بالطلب إلى بلد الخليل عليه السلام [١٣٦ أ]، وأن يتوجّه قماري، وعمر ابن النائب والخليفة إلى القدس.


(١) هكذا في المخطوط. ولعلّها: ولم يردّ على سلام الأميرين. وفي السلوك ٢/ ٦٠١: سلّموا عليه فلم يقف معهم.
(٢) إخوان سلار: مقدّم الخوان. النجوم ١٠/ ٥٩ هامش ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>