للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقالت (١): البيّاع الذي تتّجر منه مجاور صاحب القطائف، تأخذ لك منه ما تحبّ، ويعطيك العسل على جاري عادته.

فخرجت لهذا، فبينما أنا واقف عليه، والشهوة تبعث على الطلب، والنفس تأبى، وإذا بالشيخ أبي إسحاق العراقي ناولني كاغذة وقال لي: له لطائف أحلى من القطائف!

فأخرجت منها ما قضيت به حاجتي.

وله ديوان خطب. ولمّا مشى ولده في جنازته، أنشأ خطبة ليخطب بها في الجامع من بعد، افتتحها بقوله: الحمد لله الذي شتّت بالموت شمل الأحبّاء، وأورث البنين منّا الآباء- وقرأ قوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [النحل: ١٢٠ - ١٢٢].

وولي الخطابة بعده أبو الطاهر [ ... ].

٣٨٤ - ابن الفقيه نصر [٥٧١ - ٦٣٨] (٢)

إبراهيم بن نصر بن ظافر بن هلال، أبو إسحاق، برهان الدين، ابن القاضي العدل الفقيه الأجلّ زكيّ الدين أبي الفتح، المعروف بابن الفقيه نصر، الحمويّ الأصل، المصريّ المولد، الشافعيّ، الأديب [٥٦ أ] الفاضل.

ولد بمنية بني خصيب من قرى مصر في سنة إحدى- أو اثنتين- وسبعين وخمسمائة. وأجاز له

الحافظ أبو الفرج ابن الجوزيّ، وجماعة من البغداديّين والشاميّين وغيرهم. وحدّث بشيء من شعره.

وولي ديوان الأحباس بمصر، ونظر الصّعيد.

واتّصل أبوه الفقيه نصر بالملك الكامل فأعطى للسلطان جارية تسرّى بها، وولدت منه الملك العادل أبا بكر ابن الكامل. فلمّا مات الملك الكامل وقام من بعده ابنه الملك العادل في مملكة مصر، عظم قدر القاضي برهان الدين ابن الفقيه نصر، وتمكّن منه وتخصّص به.

فلمّا خلع العادل بأخيه الملك الصالح نجم الدين أيّوب، قبض عليه، وأسلم إلى الأمير علم الدين شمائل، وكان يعاديه من أجل قوله فيه [السريع]:

يصبغ بالوسميّ عرنينه ... كفاه أن يكذب في لحيته

فسقاه الماء بالملح وعذّبه حتّى هلك في العقوبة ليلة الثاني من جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وستّمائة، ودفن من الغد بسفح المقطّم.

ومن شعره لمّا استقلّ الملك العادل ابن الكامل بالملك [البسيط]:

قل للّذي خاف [ ... ] وقد أمنت ... ماذا تألّمه منها وخيفته؟

إن كان قد مات عن مصر محمّدها ... فقد أقام أبا بكر خليفته (٣)

وقال [الخفيف]:

شقّة البعد عنك طالت إلى أن ... شبّ عن طوق عمرها التفصيل

فلوجدي من العروض مديد ... وبسيط ووافر وطويل


(١) أي: النفس.
(٢) ابن سعيد: المغرب ٢٥٣، وقال: وفاته سنة ٦٤٠ - حسن المحاضرة ١/ ٥٦٦ (٤٤) - مسالك الأبصار، المخطوط ١٨/ ١٣٩.
(٣) البيتان مختلّا الوزن والرويّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>