وفي رواية: لا خير في العيش بعد مروان).
فأمر شعبة بن عثمان التميميّ، وكان يخلف يزيد بن هاني على الحرس أن يضرب عنقه فقتله وصلبه. فأقام على الخشبة ثمانية عشر شهرا.
ويروى أنّ صالح بن عليّ لمّا أمر شعبة بقتل حسّان تركه أيّاما، فاجتمع إليه جماعة من بني رميلة، فمتّوا إليه بالرحم، وقالوا: أصلحك الله، إنّ حسّانا قد قتل منّا قتلى- يعنون أنّ حسّانا سعى ببني رميلة إلى حوثرة حتّى قتل عامّتهم على مذهب الخوارج- فإن رأيت أن تنفّذ ما أمر به الأمير أصلحه الله فعلت. قال شعبة: وأيّ رحم بيني وبينكم، وأنتم من كندة، وأنا من تميم؟
قالوا: إنّ أمّنا تميميّة.
فقال: أفعل ما سألتم، والله لأقتلنّه! فقتله.
وكان يزيد بن هاني، وعامر بن إسماعيل سألا شعبة أن يؤخّر حسّانا حتّى يكلّما فيه صالح بن عليّ فوعدهما، ثمّ كلّما صالحا فعفا عنه فوجداه قد قتله. وأتى كتاب أبي جعفر المنصور بعد قتل حسّان بيوم يوصيه بحسّان، فوجده قد قتل.
وكان قتله في سنة ثلاث وثلاثين ومائة.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج: سألني أبو جعفر المنصور، قال: ما فعل حسّان بن عتاهية؟
قلت: قتله شعبة.
قال: قتله الله! كان لنا جليسا عند عطاء بن أبي رباح.
١١٤٠ - حسّان بن مالك الكلبيّ [- ٦٥] (١)
[٥٣١ أ] حسّان بن مالك بن بجدل بن دلجة بن
أنيف بن قنانة بن عديّ بن زهير بن جنّاب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، أبو سليمان، الكلبيّ، زعيم كلب ومقدّمهم.
شهد صفّين مع معاوية، وكان على قضاعة دمشق يومئذ. وكان له مقدار ومنزلة عند بني أميّة، وله شعر.
وولّاه معاوية فلسطين، وأقرّه يزيد عليها لمّا بويع بعد أبيه، حتّى مات وقام بعده ابنه معاوية بن يزيد.
فلمّا مات معاوية بن يزيد سار إلى الأردنّ يدعو إلى بني أميّة، وقد بويع عبد الله بن الزبير بمكّة، وانتقضت الشام. فقال لأهل الأردنّ: ما شهادتكم على ابن الزبير وقتلى الحرّة؟
قالوا: نشهد أنّه منافق وأنّ قتلى الحرّة في النار.
قال: فما شهادتكم على يزيد وقتلاكم بالحرّة؟
قالوا: نشهد أنّه على حقّ وأنّ قتلانا في الجنّة.
قال: فأنا أشهد: لئن كان يزيد وشيعته على حقّ إنّهم اليوم عليه.
قالوا: صدقت! نحن نبايعك على أن نقاتل من خالفك وأطاع ابن الزبير، على أن تجنّبنا هذين الغلامين- يعنون عبد الله وخالد ابني يزيد بنمعاوية- فإنّا نكره أن يأتينا الناس بشيخ ونأتيهم بصبيّ.
وكان الضحّاك بن قيس قد غلب على دمشق، فكتب إليه حسّان كتابا يعظّم فيه حقّ بني أميّة، وحسن بلائهم عنده، ويذمّ ابن الزبير وأنّه خلع خليفتين- يعني يزيد بن معاوية وابنه معاوية بن
(١) الوافي ١١/ ٣٥٩ (٥٢٠)، تهذيب ابن عساكر ٤/ ١٤٥.