هذا الجزء السابع من كتاب المقفّى للمقريزيّ، أو بالأحرى آخر ما وصل إلينا من مادّته، فلا شكّ أنّ هذا القاموس يتواصل بتراجم رجال آخرين من محاميد ومختارين وغيرهم: فقد أعلن، فيما أكّد على إنجازه من تراجم، عن ترجمة من اسمه يحيى مثلا (في ترجمة البدر ابن فضل الله رقم ٣٥٤٠).
على أنّ التساؤل في حجم الكتاب الحقيقيّ وترتيبه يبقى بدون جواب: فهل أنجز المقريزيّ الأجزاء الثمانين التي كان يقدّر أن يبلغها الكتاب؟ وإن لم يكمله، فكم جزءا أنجز؟ وهل كان ينوي إعادة الترتيب عند التبييض فيعدل عن البدء بإبراهيم «تبرّكا» بالخليل، كما قال ويصدّر قاموسه بمحمّد كما فعل الصفديّ قبله والسيوطيّ بعده؟
وهذا القسم الأخير، مثل سابقيه، يشتمل على الطويل المطوّل من التراجم- الغزالي ٣١٥٧، سيبويه المصري ٣٤٠٧، المعتصم ٣٤٦٣ - وعلى المقتضب المبتور الذي لا يعدو الاسم المجرّد أحيانا. وفيه تراجم مكرّرة- البدر ابن فضل الله ٣٥٤٠ - وأخرى من حقّها أن تكون سبقت- محمد بن قزل ٣٢٦٤ ومحمد بن قلاوون ٣٢٦٥ - ممّا يزيد مسألة الترتيب غموضا. وقد ختم المصنّف قائمته بطائفة من الأعلام لم يذكر أسماء آبائهم فتركها بيضاء، دون أن يصرّح، مثل السخاويّ بعده، أنّها غابت عنه. فتحويلها إلى آخر الكتاب لا يعني بالضرورة أنّ أسماء آبائهم تبدأ بالياء آخر الحروف. فلعلّ المقريزيّ وضعها هناك مؤقتا حتى يعثر على المفقود فيدرجها في أماكنها المعقولة.
وفي هذا القسم أيضا مجموعة من المعاصرين للمقريزيّ ذكرهم هنا، وذكرهم بإطناب في درر عقوده- استنادا إلى ما يقوله فيهم السخاويّ- فهل يعني هذا أنّه ترجم لكافّة معاصريه من الأعلام؟ سؤال آخر لا نجيب عنه ما لم نطّلع على مخطوط درر العقود المضنون به على الباحثين (١).
وفيه ترجمة أو اثنتان لأعلام موسيقيّين وددنا أن نزداد تعرّفا عليهم ولكنّا لم نجد إكمالا أو توضيحا بشأنهم في المصادر الأخرى. على أنّ النصيب الأوفر من التراجم مخصّص للحفّاظ رواة الحديث والقرّاء وأئمّة الجوامع وخطبائها والقضاة، أي لرجال الدين بوجه عامّ مع غلبة للشافعيّة وندرة للمذاهب الأخرى، وقلّة كذلك من أهل الأدب والفنون الأخرى.
***
(١) ظهرت درر العقود سنة ٢٠٠٢ عن دار الغرب الإسلامي ببيروت (إضافة بتاريخ ٨ مارس ٢٠٠٣).