للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩٥ - ابن الحطيئة الفاسيّ [٤٧٨ - ٥٦١] (١)

أحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام بن الحطيئة بن عبد الله بن الحطيئة، أبو العبّاس، اللخميّ، القرطبيّ، المغربيّ، الفاسيّ، المقرئ، المالكيّ.

ولد بمدينة فاس في يوم الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

وخرج من بلاد المغرب، وحجّ. وقدم دمشق.

واستوطن مصر، وسكن بجامع راشدة [خارج الفسطاط] (٢).

وكان رأسا في القراءات والعربيّة والأدب. قرأ القراءات بالإسكندريّة على أبي القاسم ابن الفحّام وغيره. وسمع الحديث من أبي الحسن ابن المشرّف، وأبي عبد الله الحضرميّ وجماعة. وقرأ الفقه والعربيّة.

وتصدّر بمصر للإقراء فقرأ عليه جماعة [١١٠ أ]، منهم شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجيّ. وكتب عنه أبو طاهر السّلفيّ.

وكان صالحا عابدا متعفّفا كبير القدر.

ولمّا تعطّل منصب القضاء بمصر مدّة ثلاثة أشهر في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة- والخليفة يومئذ الحافظ لدين الله أبو الميمون عبد المجيد- وقع الاختيار عليه في ذي القعدة منها، فاشترط أن لا يقضي إلّا بمذهبه، فلم يجب إلى ذلك. فولي غيره. وكان لا يقبل من أحد شيئا، ولا يرتزق على إقرائه أجرا. وكانت له زوجة وابنة تكتبان خطّا

مثل خطّه سواء، فإذا شرعوا في نسخ كتاب أخذوا أجزاءه وتفرّقوها وكتبوا، فلا يفرّق بين خطوطهم.

وهذا من عجيب الاتّفاق. وكان يقيم حاله من النسخ. فكتبوا من كتب الفقه والحديث والأدب شيئا كثيرا بالأجرة وللبيع. وكان يخطّ خطّا صحيحا فتكون رغبة الناس [فيه] لصحّته وتحقيقه.

وكان إذا غلا شيء تركه فلا يشتريه، ويقول:

إذا تعدّى الشيء الحدّ، وفي غيره غنية عنه، كان شراؤه سفها.

ووقعت مجاعة بمصر اشتدّ فيها الحال، فمشى إليه جماعة من الأجلّاء بمصر، وعرضوا عليه المال فلم يقبل من أحد شيئا وامتنع غاية الامتناع، حتّى أعياهم أمره. فأجمعوا حينئذ رأيهم على أن يخطب الفضل بن يحيى الطويل بنته، وكان عدلا بزّازا بمصر. فتزوّجها وسأل أن تكون أمّها عندها مدّة. فأذن لها في ذلك. ولم يكن القصد بهذا إلّا تخفيف مؤونة العيال عنه. وبقي سنة ينسخ ويتقوّت حتّى زالت الشدّة. وما برح على قدم المجاهدة إلى أن مات بمصر ليلة الأحد الثامن والعشرين من المحرّم سنة إحدى وستّين وخمسمائة. ودفن بالقرافة، وقبره يزار ويتبرّك بزيارته.

وكان على قدم صدق من الديانة والتحرّي وملازمة الجدّ في الأمور، والإنكار على الأمراء والسلاطين.

وكان أوّل أمره يطرز، ثمّ ترك ذلك وتقوّت من النسخ. ولم يزل في مسجد راشدة إلى أن تعرّض له بعض الدعّار فانتقل منه وسكن داخل مدينة مصر.

ومن كلامه: لقد طويت سعادة الإسلام في


(١) الوافي ٧/ ١٢١ (٣٠٥٥)، شذرات ٤/ ١٨٨، غاية النهاية ١/ ٧١ (٣١٥)، الوفيات ١/ ١٧٠ (٦٩)، جذوة الاقتباس ١/ ١١٦ (٤٥).
(٢) زيادة من الخطط ٤/ ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>