للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شرّه- فحسّن القضاة للأمراء طلبه إلى القاهرة [أ] وأن يعقد له مجلس بدمشق. فلمّا كان في يوم الاثنين ثامن شهر رجب، طلب ابن تيميّة والفقهاء إلى القصر الأبلق عند الأفرم. وسأله عن العقيدة فأحضر عقيدته الواسطيّة وقرئت في المجلس.

وبحث معه فيها، وانفصل المجلس ولم يكمل قراءتها. ثم اجتمعوا يوم الجمعة ثاني عشره بعد الصلاة، وحضر الشيخ صفيّ الدين الهنديّ وأقامو [هـ] للبحث معه. ثمّ أقاموا الشيخ كمال الدين ابن الزملكانيّ فحاققه وبحث معه من غير مشايخه (١). فرضوا ببحثه وأثنوا على فضائله وانفضّوا، والأمر قد انفصل.

[تعرّضه لفقهاء دمشق]:

فاتّفق بعد ذلك أنّ بعض قضاة دمشق عزّر شخصا من أصحاب ابن تيميّة وطلب جماعة ثمّ أطلقوا فوقع هرج في البلد. وكان الأفرم قد خرج للصيد، فقرأ في يوم الاثنين ثاني عشرين رجب المذكور الشيخ جمال الدين المزّيّ فصلا في الردّ على الجهميّة من كتاب: «أفعال العباد» للبخاري، تحت [قبة] النّسر (٢)، فغضب بعض الفقهاء لذلك وقالوا: نحن المقصودون بهذا! - ورفعوا الأمر إلى قاضي القضاة الشافعيّ. فطلبه ورسم عليه.

فقام ابن تيميّة وأخرج المزّيّ من الحبس بنفسه، وخرج إلى القصر واجتمع هناك بقاضي القضاة وأثنى على المزّيّ. فغضب القاضي وأعاد المزيّ إلى الحبس فبقي أيّاما. فرسم الأفرم فنودي في

البلد بمنع الكلام في العقائد، ومن تكلّم فيها حلّ دمه وماله ونهبت داره وحانوته.

وعقد في تاسع شعبان مجلس ثالث بالقصر لابن تيميّة، فرضي الجماعة بالعقيدة، وعزل قاضي القضاة نجم الدين نفسه بسبب كلام سمعه من ابن الزملكانيّ. ثمّ وردت ولايته من مصر.

فقام نصر المنبجيّ بالقاهرة وقال لقاضي القضاة زين الدين بن مخلوف المالكيّ: قل للأمراء بأنّ ابن تيميّة يخشى على الدولة منه، كما جرى لابن تومرت في بلاد [٩٨ أ] المغرب.

فحدّثهم بذلك حتى تخيّلوا منه. فورد كتاب السلطان بإحضار ابن تيميّة وإحضار قاضي القضاة نجم الدين ابن الصصرى إلى مصر. فمانع الأفرم نائب دمشق وقال: قد عقد له مجلسان بحضرتي وحضره القضاة والفقهاء، وما ظهر عليه شيء.

فقال له الرسول: أنا لك ناصح. وقد قال عنه الشيخ نصر المنبجي إنّه يجمع الناس عليك ويعقد البيعة لغير السلطان.

فخاف النائب وبكى منه.

[تتبّع السلطان له ولأصحابه بالقاهرة]:

فتوجّها في ثاني عشر شهر رمضان على البريد.

فلمّا دخل ابن تيميّة مدينة غزّة عمل بجامعها مجلسا.

وتوجّه إلى قلعة الجبل وقد كتب الأفرم معه كتابا إلى السلطان، وكتب معه محضر فيه خطوط عدّة من القضاة وكبار الصلحاء والعلماء يصفون ما جرى في المجلسين بدمشق، وأنّه لم يثبت عليه فيهما شيء، ولا منع من الإفتاء. فلم يلتفت إلى ذلك.

وقصد ابن تيميّة أن يعقد بالقلعة مجلسا، وأراد أن يتكلّم فلم يمكّن من الكلام على عادته، وحبس


(١) قراءة ظنّيّة. ولعلّها: مشانجة أي تقبّض ولجاج.
(٢) في المخطوط: تحت الستر، والزيادة من أعيان العصر ٥/ ٦٥٥. وقال في ترجمة بعض المحدّثين ٣/ ٥٢: وله حلقة اشتعال تحت قبّة النّسر. وفي تاريخ ابن قاضي شعبة ٢/ ٥٤٤: وعمل المولد في صحن الجامع (الأمويّ) تحت النّسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>