للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

واستوطن نيسابور سنة إحدى وعشرين إلى أن توفّي يوم السبت سلخ ذي القعدة سنة ستّ وسبعين وثلاثمائة. وأخبرني أنّه ابن خمس وثمانين سنة.

سمعت الصفّار محمد بن عبد الله الأصفهاني يدعو بمسجده وهو رافع باطن كفّيه إلى السماء، وهو يقول: يا ربّ إنّك تعلم أنّ أبا العبّاس المصريّ آلمني وخانني وحبس عنّي أكثر من خمسمائة جزء من أصولي. اللهمّ فلا تنفعه بتلك الأجزاء وبسائر ما جمعه من الحديث ولا تبارك له فيه!

وكان أبو عبد الله الصفّار مجاب الدعوة. وكان السبب في موجدته على أبي العبّاس المصري ورّاقه أنّه قال له: اذهب إلى أبي العبّاس الأصمّ وقل له:

قد حضرت معك ومع أبيك قراءة الجامع للثوريّ في مجلس أسيد بن عاصم. وقد ذهب كتابي. فإن كان في كتابك سماع بخطّي فأخرجه إليّ حتى أنتسخه.

فذهب، فقال أبو العبّاس: السمع والطاعة.

وأخرج الكتاب في أربعة أجزاء بخطّ يعقوب، وسماع أبي عبد الله فيه بخطّه. فدفعه إلى أبي العبّاس فأخذه ووضعه في بيته. ثمّ جاء إلى أبي عبد الله فقال: إنّ الأصمّ رجل طمّاع، قد أخرج سماعك بخطّك في كتابه، ولم يدفعه إليّ، [و] قال لي: لا أدفع هذا السماع حتّى تحمل إليّ خمسة دنانير- وكان أبو عبد الله قد تراجع أمره ونقصت تجارته، فبلغني أنّه باع شيئا من منزله فدفع إلى أبي العبّاس خمسة دنانير فأخذها وحمل الكتاب [٢٣ أ] إليه. ثمّ إنّهما جميعا دعوا على أبي العبّاس فاستجيبت دعوتهما فيه. ثمّ بعد ذلك كان أبو عبد الله يجامل أبا العبّاس ويجهد في استرجاع كتبه منه فلم يقدر عليه. وكاد أبو العبّاس يفوّتنا حديث أبي عبد الله الصفّار. فذهبت أنا إلى أبي محمد عبد الله بن حامد الفقيه فقلت له: إنّ هذا الرجل قد فوّتنا هذا الشيخ، وهو يجامله بسبب كتبه عنده، ونحن نعلم أنّه لا يخرج قطّ عن جزء من أصوله وإن قتل، فإنّ الشيخ أبا بكر ابن إسحاق حبسه ولم يقدر على استرجاع الكتب.

فقصده ونصحه، فقبل نصيحته، ونصب أبا بكر الساوي مكانه. وعقد أبو بكر [١٣٩ ب] في الأسبوع بضعة عشر مجلسا [بالغدوات وبعد الظهر والعشاء] (١)، وانتفع الناس بما بقي عند أبي عبد الله. وكان لا يقعد ولا يقوم إلّا ويبكي ويدعو على أبي العبّاس: فإن عيون كتبه كانت عنده، ولم يقرأ قط حديثا واحدا من كتب الناس.

(قال) وإنّما قصصت هذه القصة ليعتبر المستفيد به ولا يتهاون بالشيوخ، فإنّ محلّ أبي العبّاس المصري من هذه الصنعة كان أجلّ محلّ، وذهب علمه وساءت عاقبته بدعاء ذلك الرجل الصالح عليه.

وقال الحاكم أيضا: أبو العبّاس المصريّ حافظ قديم الرحلة كثير الطلب. ولمّا احتيج إليه وقد ضاعت سماعاته القديمة، حدّث من حفظه بأحاديث ذكر أنّه يعرفها. وغير مستبعد لمثله أن يعرف سؤالات الشيوخ. وأمّا مذاكراته فإنّه كان يتحرّى في أكثرها الصدق، واطّلعنا على كتبه بعد وفاته فمارأينا إلّا الخير (٢).

[٦٢٣ - شاغر]

٦٢٤ - ابن فضالة السوسيّ [- ٣٣٩] (٣)

أحمد بن محمد بن فضالة بن غيلان [بن


(١) ما بين [] ساقط من المخطوط.
(٢) الرقم ٦٢٣ شاغر بسبب خطإ منّا في الترقيم.
(٣) الصفحة مطموسة وتكملة الترجمة من تاريخ دمشق ٧/ ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>