للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد الوهّاب ابن السبكيّ: وحكى لي من أثق به قال: سمعته يقول، وهو ثقة: أوّل صحبتي لأبي العبّاس الشاطر (١) خرجت معه من القاهرة إلى ناحية دمنهور. فلمّا طلعنا من المركب، وكان فيها تاجر له في المركب فراش ونطع، فطلعنا بحوائج الشيخ أبي العبّاس. فلمّا انتهيت قال: انزل [٤٩٧ ب] هات الفراش والنطع.- فنزلت، فقال لي صاحبهما: هما لي.

فعدت إليه فقال: عد إليه وقل له: هاتهما! .

فعدت فأعاد الجواب، فأعادني ثالثا فأبي.

فقال لي رابعا: عد إليه وقل له: غرق الساعة في البحر [لك] مركب، وكلّ ما لك فيها لم يسلم إلّا عبد ومعه ثمانية عشر دينارا.

وكان الأمر كذلك.

١٢٤٩ - الصفيّ ابن أبي المنصور [٥٩٥ - ٦٨٢] (٢)

[٤٩٨ أ] حسين بن علي بن ظافر، الشيخ صفيّ الدين، أبو عبد الله، ابن الوزير جمال الدين أبي الحسين، ابن جمال الدين أبي المنصور، الأزديّ، الأنصاريّ، الخزرجيّ، الحرّانيّ، المالكيّ، المعروف بابن أبي المنصور.

ولد في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وخمسمائة بحرّان. وقدم دمشق وعمره خمس عشرة سنة بعد وزارة أبيه بحرّان للأشرف موسى،

وصحب بها الشيخ المؤلّة علي الكرديّ، وأبا القاسم [ ... ] الصقلّيّ، ونجم الدين [ ... ] ابن اللهيب.

وقدم مصر، وصحب أبا العبّاس أحمد بن أبي بكر التجيبيّ الحرّار (٣) في مدّة غيبة أبيه الوزير جمال الدين في رسالته عن الملك العادل الكبير إلى أبي عزيز بمكّة، وتجرّد وغيّر هيئته وترك لبس الثياب الجميلة وركوب البغلة الرائقة، وهجر أهله، ولزم الشيخ، إلى أن قدم أبوه وخرج الناس إلى لقائه. [ف] أشار إليه الشيخ أبو العبّاس أن يخرج إلى لقائه، فقال له: يا سيّدي، ما بقي لي والد غيرك، وأنا ما أركب لهم شيئا من دوابّهم ولا آكل معهم.

فقال: تخرج على كلّ حال.

[فخرج] على دويبة تحته خرج أعطاه إيّاه أبو (٤) العبّاس، فيه خبز وجبن وخيار، وسطل، وأهله يبكون على حاله، وكان لأبيه بغال على الربيع (٥) أخرجوها له مجنوبة.

(قال) فلمّا وصلنا إلى بركة الحجّاج، قعدت وحدي تحت السماء، وكان الصيف الشديد، إلى أن جاء، فلقيته وحدي فلم يعرفني، هو ولا من حوله. وكان حوله عسكر وأجناد ومماليك وخدّام، إلى أن رآني [ف] قال: حسين؟

قلت: حسين.

ثمّ وقف واصفرّ وجهه وبهت. ثمّ مشى؛ وبقوا متعجّبين. وإذا بأهلي وإخوتي، وكلّ من خرج وصلوا واجتمعوا وأنا [ب] ناحية وحدي. فلمّا نزل


(١) أبو العبّاس الشاطر. قال في جامع كرامات الأولياء ١/ ٢٧٨: الصوفيّ الكبير الوليّ الشهير، أخذ عن المرسيّ، وعنه النجم، ونقل حكاية المركب. وفي طبقات الأولياء، ٤٩٠ (١٧٢): مات قبل ٦٩٠، واسمه شبيب.
(٢) طبقات الأولياء، ٤٥٠ (١٩٣). الكواكب السيّارة، ١٨٢.
الخطط ٤/ ٢٩٥.
(٣) أبو العبّاس الحرّار له ترجمة في المقفّى: رقم ٦٤٠ (ت ٦١٦).
(٤) في المخطوط: أبا العبّاس.
(٥) لم نفهم الربيع هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>