للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وثمانين ألف دينار، وصنع معروفا كثيرا، من جملته أنّه حمل في البحر سبعة مراكب مشحونة بالدقيق والقمح وأنواع الإدام، ما بين سكّر وعسل وزيت وحلوى ونحو ذلك. فوافى ساحل ينبع منها ثلاثة فنقلها إلى ينبع وجعل ما فيها أصنافا مثل التلال، ونادى في الحجّاج: من كان محتاجا إلى مؤنة أو شيء من الإدام أو السكّر أو الحلوى فليحضر! .

فأتاه المحتاجون فعمّهم [٢٥٦ أ] وفرّق ما بقي على من لم يحضر من الأغنياء وعلى أهل ينبع.

ووافت بقيّة المراكب جدّة فحملها إلى مكّة وفرّق ما فيها على أهل مكّة وعلى فقراء حجّاج الشام، وعاد إلى مصر.

فلم يزل على حاله إلى أن ضجر الملك الناصر من شدّة الحجر عليه وعزم خاصّكيّته على القيام معه. فاستدعى بكتمر هذا وأعلمه بحاله وما عزم عليه، فوافقه على ما أراد، وأنّه يهجم على الأميرين بيبرس وسلّار في بيوتهما ويأخذهما.

فنقل الخبر إليهما فاحترسا على أنفسهما، وثارت فتنة كبيرة آلت إلى إخراج ثلاثة من خاصكيّة السلطان إلى القدس، ونفي بكتمر إلى الصّبيبة في نصف المحرّم سنة سبع وسبعمائة. فأقام بها إلى شعبان منها، فرسم له بنيابة صفد بعد وفاة سنقر شاه. فدخلها في ثمانمائة مملوك كانوا يركبون معه فيصير في عسكر يقارب عسكر صفد.

فما زال بها إلى أن خرج الملك الناصر من الكرك وتوجّه إلى دمشق. [ف] توجّه إليه وقدم معه مصر. فولّاه نيابة السلطنة بديار مصر في يوم الخميس ثالث عشرين شوّال سنة تسع وسبعمائة.

فلمّا كان في سنة عشر وسبعمائة، نقل إلى السلطان أنّه قد وافق الأمير بتخاص المنصوريّ على إقامة الأمير [مظفّر الدين] موسى ابن [الملك] (١) الصالح عليّ بن قلاوون سلطانا واستمال مماليك المظفّر بيبرس. فبادر السلطان وقبض على بتخاص وأمير موسى، ولم يظهر لبكتمر شيئا. وتتبّع المظفّريّة وأمسك منهم جماعة كثيرة نحو المائة وعشرين. فلمّا أوقفوا بين يديه في [٢٥٦ ب] الحديد، أخذ بكتمر الجوكندار فقال له أحدهم: ها هو شغلك المشئوم.

فتغافل السلطان عنه وأمر بقتل الجميع، ثمّ عفا عنهم، وتغاضى عن بكتمر الجوكندار إلى يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى سنة إحدى عشرة [ف] استدعاه. فلمّا دخل إليه قبض عليه وعلى صهره الكتمر [الجمدار] (٢) وعلى آي دغدي العثمانيّ ومنكوتمر الطبّاخي، وسجنوا. وفوّضت نيابة السلطنة بعده إلى الأمير بيبرس الدوادار المنصوريّ.

وحمل بكتمر إلى الإسكندريّة فسجن بها. ثمّ نقل إلى الكرك فأقام بها مسجونا في عدّة من الأمراء إلى أن قتل في سنة ستّ عشرة وسبعمائة (٣).

وكان خيّرا ساكنا كثير المسالمة لا يرى سفك دم أحد ولا يعتني بالقصاص بل يعاقب بالضرب المؤلم حتى يبلغ قريب ألف ضربة، ويقول: الحيّ خير من الميت، فليقم هذا في السجن! - فكثر الفساد في أيّام نيابته.

وكان كثير الخير والصدقات، وقد تقدّم ذكر


(١) الزيادات من السلوك ٢/ ٩١ - ٩٢. وفي المخطوط:
بدخاص بالدال، وقد مرّت ترجمته بتخاص المنصوري برقم ٩٠٥.
(٢) الزيادة من السلوك ٢/ ١٠٢ والنجوم ٩/ ٢٣١.
(٣) وقتل معه سبعة أمراء «خنقوا في ليلة واحدة»، السلوك ٢/ ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>