للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استخرج مالها اثني عشر ألف ألف دينار.

وهو أوّل من اتّخذ صاحب حمالة (١).

وكان بالإسكندرية صنم يقال له شراحيل على حشفة من حشف البحر يستقبل بإصبع من كفّه قسطنطينيّة [١٧٢ أ] لا يدرى من عمله. وكان الحيتان يدورون بالإسكندرية وتصاد عند هذا الصنم. وكان قدمه بطول قامة الرجل. فكتب أسامة إلى الوليد بن عبد الملك: أنّ عندنا بالإسكندريّة صنما يقال له شراحيل من نحاس، وقد غلت علينا الفلوس. فإن رأى أمير المؤمنين أن ننزله ونضربه فلوسا، فعل.

فبعث إليه رجالا أمناء حتى أنزل فوجدوا عينيه ياقوتتين حمراوين ليس لهما قيمة، فضربه فلوسا.

فانطلقت الحيتان فلم ترجع إلى هنالك (٢).

وهو الذي بنى مقياس النيل القديم بجزيرة مصر تجاه الفسطاط لمّا بطل مقياس [عبد العزيز بن مروان] (٣).

ويذكر أنّه لمّا بعثه سليمان بن عبد الملك إلى مصر، دخل على عمر بن عبد العزيز فقال: يا أبا حفص، إنّه والله ما على وجه الأرض من رجل بعد أمير المؤمنين أحبّ إليّ رضا منك، ولا أعزّ عليّ سخطا منك. وإنّ أمير المؤمنين قد وجّهني إلى مصر، فأوصني بما شئت واكتب إليّ بما شئت،

فإنّك لن تأمر بأمر إلّا نفذ إن شاء الله.

فقال: ويحك يا أسامة إنّك تأتي قوما قد ألحّ عليهم البلاء منذ دهر طويل، فإن قدرت على أن تنعشهم فأنعشهم.

قال: يا أبا حفص، إنك قد علمت نهمة أمير المؤمنين في المال، وأنّه لا يرضيه إلّا المال.

قال: إنك إن تطلب رضا أمير المؤمنين بسخط الله يكن الله قادرا على أن يسخط أمير المؤمنين عليك.

قال: إنّي سأودّعه وأنت حاضر إن شاء الله فتسمع وصاته.

فلمّا [١٣٧ ب] كان اليوم الذي يسير فيه غدا على سليمان متقلّدا سيفا متوشّحا عمامته. فلمّا عرف أنّ عمر قد استقرّ عنده دخل وسلّم. ثمّ قام وقال:

يا أمير المؤمنين، هذا وجهي، وأردت أحدث عهدا بأمير المؤمنين وأن يعهد إليّ.

فقال: احلب حتى ينقيك الدم. فإذا أنقاك الدم فاحلب حتّى ينقيك القيح! لا تبقها لأحد بعدي!

فخرج، فلم يزل واقفا حتّى خرج عمر، فسار معه. فقال: يا أبا حفص، قد سمعت وصاته.

قال: وأنت، قد سمعت وصاتي.

فقال: أوصني في خاصّتك.

قال: ما أنا بموصيك منّي في خاصّتي إلّا بما أوصيك به في العامّة.

فسار إلى مصر، فعمل فيها عملا ما عمله فرعون، واشتدّ على نصارى مصر، وأمر بقتلهم وأخذ أموالهم، ووسم أيدي الرهبان بحديدة عليها اسمه واسم ديره وتاريخه، فكان من وجد منهم بغير وسم قطع يده. ثمّ كبس عليهم الديارات، فوجد جماعة منهم بغير وسم فضرب أعناق بعضهم،


(١) الحمالة: سير يعلّق به الوعاء الذي يظرف فيه الكتاب أو غيره (دوزي).
(٢) هذه القصّة رواها المقريزيّ في الخطط ١/ ١٧٤ عن ابن يونس.
(٣) في الخطط ١/ ٩٢: بنى أسامة مقياس الجزيرة بعد بطلان مقياس عبد العزيز بن مروان بحلوان. وبناء مقياس الجزيرة كان في سنة ٧٦ (وفيات ٣/ ١١٢). وفي المروج ٢/ ٧١: بني فيأيّام سليمان بن عبد الملك (٩٦ - ٩٩).
وفي الخطط: في سنة سبع وتسعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>