الشافعيّ أعرف منه بأحوال رواة الحديث من أهل الحجاز، وذلك بيّن في مذاكرتهما.
وقال المزنيّ: سمعت الشافعيّ يقول: إذا وجدتم سنّة فاتّبعوها ولا تلتفتوا إلى قول أحد.
وعن حرملة بن يحيى: قال الشافعيّ: كلّ ما قلت، وكان عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خلاف قولي، فحديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أولى، فلا تقلّدوني!
وقال الربيع: سمعت الشافعيّ يقول: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقولوا بسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ودعوا ما قلته!
(قال): وروى الشافعيّ حديثا فقال له رجل:
تأخذ بهذا يا أبا عبد الله؟ !
فقال: متى رويت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حديثا صحيحا فلم آخذ به، فأشهدكم والجماعة أنّ عقلي قد ذهب! - وأشار بيده إليّ على رءوسهم.
وفي رواية: سمعت الشافعيّ- وذكر حديثا عن [١٦٤ ب] النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال له رجل: تأخذ به يا أبا عبد الله؟ - فقال: سبحان الله! أروي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم شيئا لا آخذ به؟ متى عرفت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم حديثا ولم آخذ به، فأنا أشهدكم أنّ عقلي قد ذهب.
وقال الحميديّ: ذكر الشافعيّ حديثا، فقال له رجل: تأخذ به يا أبا عبد الله؟
فقال: أفي الكنيسة؟ أو ترى على وسطي زنّارا؟
نعم، أقول به! وكلّ ما بلغني عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قلت به.
وفي رواية: كنت بمصر، فحدّث محمد بن إدريس بحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال له رجل:
يا أبا عبد الله، تأخذ بهذا؟
قال: رأيتني خرجت من كنيسة؟ ترى عليّ زنّارا حتّى لا أقول بهذا؟ إذا ثبت الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قلت به وقوّلته إيّاه ولم أزل عنه. وإن هو لم يثبت عندي لم أقوّله إيّاه.
وفي رواية عن الربيع: سمعت الشافعيّ- وسأله رجل عن مسألة فقال: يروى عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في هذه المسألة كذا وكذا.
فقال له السائل: يا أبا عبد الله، تقول به؟
فرأيت الشافعيّ أرعد وانتفض وقال: يا هذا، أيّ أرض تقلّني، أو أيّ سماء تظلّني، إذا رويت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حديثا فلم أقل به؟ نعم! على السمع والبصر!
وفي رواية: سمعت الشافعيّ، وسأله رجل عن مسألة، فقال: يروى عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال كذا وكذا.
فقال له السائل: يا أبا عبد الله، أتقول بهذا؟
فارتعد الشافعيّ واصفرّ وحال لونه وقال:
ويحك! أيّ أرض تقلّني، وأيّ سماء تظلّني إذا رويت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا فلم أقل به؟ نعم، على الرأس والعينين! على الرأس والعينين!
(قال): وسمعت الشافعيّ يقول: ما من أحد إلّا وتذهب عليه سنّة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويعزب عنه فهمها. [ما] قلت من قول أو أصّلت من أصل فيه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلاف ما قلت، فالقول ما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو قولي- وجعل يردّد هذا الكلام.
وعن أبي ثور: سمعت الشافعيّ يقول: كلّ حديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فهو قولي، وإن لم تسمعوه منّي.
وعن الحسين الكرابيسيّ: قال لنا الشافعيّ: إن أصبتم الحجّة في الطريق مطروحة، فاحكوها عنّي، فإنّي قائل بها.
وقال [١٦٥ أ] الربيع: سمعت الشافعيّ يقول:
إذا وجدتم سنّة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلاف قولي،