للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال عيسى: يا أمير المؤمنين، قد أحسن الله إليك، وإلى الأمّة بك، وأنقذهم ببركتك من جور بني أميّة وجبروتهم.

ودخل عليه عبد الله بن عيّاش الهمداني بعد مقتل مروان بن محمّد الجعدي (١) فقال: الحمد لله الذي أبدلنا بحمار الجزيرة (٢) وابن أمة النخع ابن عمّ رسول الله وابن عبد المطّلب- يريد أنّ أمّ مروان كانت جارية إبراهيم بن الأشتر النخعيّ (٣)، فأخذها أبوه محمد بن مروان بن الحكم حين حارب إبراهيم أيّام مصعب بن الزبير فولدت مروان بن محمد. وكان مروان عاتيا لا يبالي ما صنع، فكان يقال: مروان أكفر من حمار الأزد، وهو حمار بن مالك بن نصر بن الأزد، وكان جبّارا قتّالا لا يبالي ما أقدم عليه فسمّي حمار الجزيرة (٤).

ودخل عليه مشيخة من أهل الشام فقالوا: «والله ما علمنا أنّ لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرابة يرثونه إلّا بني أميّة، حتّى وليتم». فقال إبراهيمبن مهاجر (الرمل):

أيّها الناس اسمعوا أخبركم ... عجبا زاد على كلّ عجب

عجبا من عبد شمس إنّهم ... فتحوا للناس أبواب الكذب

ورثوا أحمد فيما زعموا ... دون عبّاس بن عبد المطّلب

كذبوا والله ما نعلمه ... يحرز الميراث إلّا من قرب

وكتب أبو العبّاس إلى زياد بن عبد الله

الحارثيّ، وهو عامله على المدينة، أن يخرج المخنّثين عنها، فأمر بإخراجهم فقال له صاحب شرطته: إنّ في دارنا مخنّثا، فإن رأى الأمير أن يدعه؟

فقال: دع في كلّ دار مخنّثا.

فقال: إذن نحتاج إلى أن نجلبهم من الآفاق!

وكانت أمّ سلمة بنت يعقوب المخزوميّة عند [ ... ] مسلمة بن هشام بن عبد الملك فطلّقها فصارت إلى فلسطين فتزوّجها أبو العبّاس قبل الخلافة، وثبت عليها بعد ما صارت إليه الخلافة فكلّمته في سليمان بن هشام بن عبد الملك وقالت إنّه كان مباينا لمروان بن محمد، فلم يعرض له.

وكان يدخل عليه، فبينا هو ذات يوم عنده إذ دخل عليه سديف بن ميمون مولى بني هاشم فأنشد (الخفيف):

أصبح الدين ثابت الأساس ... بالبهاليل من بني العبّاس [٧٩ أ]

يا كريم المطهّرين من الرّج ... س ويا رأس كلّ قرم وراس

أنت مهديّ هاشم ورضاها ... كم أناس رجوك بعد أناس

لا تقيلنّ عبد شمس عثارا ... واقطعوا كلّ رقلة وغراس (١*)

أنزلوها بحيث أنزلها الل ... هـ بدار الهوان والإتعاس ٥

فلقد غاظني وأوجع قلبي ... قربهم من نمارق وكراسي

اذكروا مصرع الحسين وزيد ... وقتيلا بجانب المهراس (٢*)


(١) الجعديّ نسبة إلى الجعد بن درهم القائل برأي القدريّة.
وعبد الله بن عيّاش هو المعروف بالمنتوف.
(٢) الكامل ٣٢١ هامش ٣: وكان مروان يلقّب بالحمار.
(٣) في المروج (٢٢٧٣): كانت لمصعب.
(٤) أكفر من حمار: مجمع الأمثال، رقم ٩٢٠٣، وزهر الأكم لليوسيّ، ١/ ٣١٦.
(١*) الرقلة: النخلة الباسقة.
(٢*) المهراس: جبل قرب أحد، به دفن حمزة بن عبد-

<<  <  ج: ص:  >  >>