للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قتل زياد، وذمّ أبا مسلم وأنكر فعله وقال: إنّه قتل رجلا ذا قدم وبلاء حسن في دولتنا، وبرئ منه، وقد بعث بعهدي على خراسان». ودعا قوما إلى حرب أبي مسلم فأجابه قوم منهم سرّا. وخالفه قوم فقتلهم. وكان يومئذ بإزاء قرية وجّهه أبو مسلم إليها ليحارب أهلها. فقدم أبو حميد رسول أبي العبّاس إلى أبي مسلم [٨١ أ] بخلع وبزّ وبكتاب يلعن فيه زياد بن صالح وأشياعه، ويصوّب رأي أبي مسلم في قتله. فأمر أبو مسلم أبا داود بقتل عيسى بن ماهان. فكتب إليه: إنّ رسول أمير المؤمنين قدم على الأمير بخلع وبزّ له وللأولياء، وذكرناك له. فصر إلينا لتشركنا في أمرنا فنعرّفه حالك. فقدم على أبي داود، فقال: «خذوا ابن الفاعلة! » وأمر به فأدخل في جوالق (١)، ثمّ ضرب بالخشب حتّى قتل.

فكتب أبو العبّاس إلى أبي مسلم يعظّم قتل عيسى ويأمره بقتل أبي داود به. فكتب في جواب ذلك يعذر أبا خالد بن إبراهيم، ويذكر أنّ ابن ماهان لو ترك لكان منه مثل الذي كان من زياد بن صالح من إفساد الناس وحملهم على المعصية والخلاف.

وخرج أبو الورد مجزأة بن الهذيل بن زفر الكلابيّ ودعا الناس فأجابه من قيس وغيرهم زهاء سبعة آلاف. وبلغ أبا محمد زياد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فطمع وقال: «أنا السفيانيّ الذي يروى أنّه يردّ دولة بني أميّة! » ونزل دير حنينا فبايعه أبو الورد والناس. فبعث عبد الله بن علي بأخيه عبد الصمد بن عليّ إلى السفيانيّ وأصحابه، وهم بقنّسرين فاقتتلوا فانهزم أصحاب عبد الصمد. وأقبل إليه عبد الله بن علي فاقتتلوا في آخر ذي الحجّة سنة اثنتين وثلاثين، فانهزم أصحاب السفيانيّ وتوارى هو.

وكان بسّام بن إبراهيم مع نصر بن سيّار. فلمّا ظهر أبو مسلم صار إليه، وقدم مع قحطبة وتوجّه مع عبد الله بن عليّ لقتال مروان. فلمّا خلع أبوالورد (١*) وبايع أبا محمد السفيانيّ، ثم هرب السفياني واختفى، صار بسّام إلى تدمر وعزم على الخلاف لأشياء أنكرها من سيرة عبد الله بن عليّ.

فمنعه أهل تدمر من دخولها فقاتلهم وهزمهم وقتل منهم جماعة بعث برءوسهم إلى عبد الله بن علي ليوهمه أنّه على طاعته. ثم أظهر الخلاف فانصرف عنه عامّة جنده، فأتى قرقيسيا. فكتب عبد الله بن علي بخبره إلى أمير المؤمنين أبي العبّاس. فسار بسّام إلى المدائن في جمع، فوجّه إليه أبو العبّاس خازم بن خزيمة فقاتله فانهزم بسّام وصار إلى السوس، وقد تفرّق عنه أصحابه، ثم مضى إلى ماه البصرة (٢*) وخازم يتبعه فتوارى وكتب إلى جعفر بن محمد الصادق: «إن [٨١ ب] جئتني ضرّبت بين أهل خراسان وبايعت لك». فخاف جعفر أن يكون أبو العبّاس السفّاح دسّ إليه الكتاب، فأتى أبا العبّاس بكتاب بسّام فقال له:

أحسن الله جزاءك يا ابن عمّ. اكتب إليه فواعده مكانا يلقاك فيه.

فواعده الحيرة، ووجّه بذلك ابنه إسماعيل بن جعفر. وأمر أبو العبّاس أبا غسّان مولاه وحاجبه بتفقّده ومراعاته. فلمّا رآه أبو غسّان مع إسماعيل بن جعفر، وقد لبس سوادا، وليس معه سيف، قال له: من أنت؟

قال: رجل من أهل الحيرة من العبّاد.

فرفع أبو غسّان عليه العمود فشتمه بسّام وقال:


(١) الجوالق والجولق: الكيس.
(١*) خبر انتقاض أبي الورد مجزأة بن كوثر على عبد الله بن عليّ مفصّل عند الطبريّ، ٧/ ٤٤٣. والخلع منه لعبد الله ابن عليّ
(٢*) ماه البصرة: قصبتها (ياقوت).

<<  <  ج: ص:  >  >>