للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ [م ٦] وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: ٣٠]، فالمعرفة الأُولى بالسِّيما موقوفة على المشيئة، والثانية بلَحْنِ القول واقعة، وهذا إنما يكون فيمن سَمِع كلامَه.

وقد كان أبو بكر وعمر ــ وهما أفضل هذه الأمة بعد نبيها ــ لا يعلمان كثيرًا من المؤمنين في حياتهما (١)، فكيف يعلم مَن بعدهما كلَّ من كان ويكون من الأولياء؟ !

وقد قيل لعمر - رضي الله عنه - في بعض المغازي: قُتِل فلانٌ وفلان وقوم لا يعرفهم أميرُ المؤمنين، فقال: إن لم يعرفهم عمر فإن الله يعرفهم (٢).

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أسرَّ إلى حُذيفة في غزوة تبوك أسماءَ جماعة من المنافقين الذين أرادوا الفتكَ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعرفهم غير حذيفة. ولهذا كانوا يقولون: هو صاحب السرّ الذي لا يعلمه غيره (٣).

وكان عمر - رضي الله عنه - إذا مات ميت يقول: انظروا فإن صلى عليه حذيفة صلى عليه عمر (٤).

فهؤلاء السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار لا يميّزون بين


(١) «في حياتهما» ليست في (ت).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٣٧٥٣)، وابن حبان (٤٧٥٦)، وأصله في البخاري مختصرًا (٣١٥٩).
(٣) كما جاء عن ابن مسعود في البخاري (٣٧٤٣، ٣٧٦١)، و «المسند» (٢٧٥٣٨)، وابن حبان (٦٣٣١).
(٤) ذكره في «أسد الغابة»: (١/ ٤٦٨).