للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} إلى قوله: {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ} [الأعراف: ١٥٦ - ١٥٧].

فقد كتبَ رحمتَه لأهل طاعته المتَّقين لكتابه ولرسوله، وقد أخبر أنهم هم المفلحون، فكيف يكون من لم يُطِع اللهَ ورسولَه، بل يعصيه مثل هؤلاء؟! فهذا من الاعتداء في الدعاء الذي نهى الله عنه.

ولو قال الرجل: اللهم اجعلني أفضل من السابقين الأولين، لكان معتديًا، فكيف إذا قال: اجعل رحمتك لمن يعصيك أتمّ من رحمتك لمن يطيعك؟! والله قد وعد أهل طاعته بقوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [النساء: ١٣]، وقال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: ١٤].

فإن قيل: قد يُراد بذلك أن المطيع قد يحصل له إعجابٌ وكِبْر، وصاحب المعصية يحصل له ذُلٌّ وخشية.

قيل: من كان عنده كِبْر أو عُجْب أو رياء فليس مطيعًا بل عاصيًا، ومعصيةُ (١) الكِبر والعُجب والرياء أعظمُ من معصية شُرب الخمر، فالشارب الخاشع الخائف من ربه أقرب إلى رحمة ربه من الصائم المتكبِّر المُعْجَب المُرائي. فمن ظنَّ أن الطاعة صُوَر الأعمال فهو جاهل، بل اسم الطاعة يتناول طاعة القلب بالخوف والرجاء والإخلاص لله والشكر وغير ذلك، أعظم مما يتناول طاعةَ البدن كالصيام والقيام والصدقة، قال الله تعالى:


(١) (م): «ومعصيته»، وكذا ما بعدها.