للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا ذمّ الله تعالى المشركين بذلك في سورة الشورى (١)، قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١]، ولهذا قال العلماء - رضي الله عنهم -: إن مبنى العبادات على التوقيف (٢) والاتباع لا على الهوى والابتداع.

[ت ٧] وقد قال بعضهم كلمة جامعة: أن أصل كل شرّ هو معارضة النصّ بالرأي وتقديم الهوى على الشرع.

ولهذا قال بعض السلف: الشريعة كسفينة نوح من ركبها نجا، ومَن تخلّف عنها غرق (٣).

وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: اقتصادٌ في سنة خيرٌ من اجتهادٍ في بدعة (٤).

وكذلك قال أُبيُّ بن كعب - رضي الله عنه -: «ما عَبْدٌ (٥) على السبيل والسنة ذَكَرَ الله خاليًا ففاضت عيناه، فاقشعرّ جلدُه من خشية الله تعالى، إلا تحاتّت عنه خطاياه كما تحاتُّ الورقُ اليابس من الشجر، وما مِن عَبْدٍ على السبيل


(١) في النسخة: «شورى».
(٢) في النسخة: «التوقف» والصحيح ما أثبت. وهذه القاعدة تكررت كثيرًا في كلام المؤلف. ينظر «الفتاوى»: (١/ ١٤١، ٣٣٤ و ٢٢/ ٥١٠)، و «الرد على البكري»: (١/ ٢٨٨)، و «الجواب الصحيح»: (٥/ ٧).
(٣) أخرجه من قول مالك بن أنس الهرويُّ في «ذم الكلام وأهله» (٨٨٥)، والخطيب في «تاريخ بغداد»: (٨/ ٣٠٨) ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخه»: (١٤/ ٩).
(٤) أخرجه المروزي في «السنة» (٨٩)، والطبراني في «الكبير»: (١٠/ ٢٠٧).
(٥) هكذا ضبطها في النسخة، وكان الوجه: «ما [من] عبدٍ» كما سيأتي، وكما في المصادر.