للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَرَّمه الله ورسوله. وكانوا في ذلك أسوأ حالًا من أهل الكتاب الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دينَ الحقِّ من الذين أوتوا الكتاب، ومن هنا دخل كثير من الفلاسفة.

والمتكلمون والصوفية لا يرضون مذهب القرامطة الباطنية، بل منهم من يقول: إذا بلغ الإنسان الغاية في العلم أو المعرفة سقطت عنه الواجبات، وقد يتأوّل بعضُهم قولَه تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: ٩٩]، وقد تقدم الكلامُ على هذه الآية (١).

والمقصود هنا التنبيه على أصولِ أقوال الناس، ومنشأ ضلال الضالين، ليُعْرَف ذلك فيُزْهَد فيه، ويُرغَب في الصراط المستقيم، صراطِ الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

فأما الأصل ... (٢) فليُعْلَم أنه كما أن العلم بالله مقصود، فمحبة الله ــ أيضًا ــ مقصودة، فلا يكفي النفس مجرَّد أن تعرف الله دون أن تحبة وتعبده، وهذا أصل ملة إبراهيم الخليل إمام الحنفاء الذي اتخذه الله خليلًا. وقد ثبت في «الصحيح» (٣) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[م ٩٦]: «إن الله اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا»، وقد قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]، والعبادةُ تتضمَّن كمالَ المحبة له، وكمال الذل له.


(١) (ص ٩٩).
(٢) هنا كلمة لم تتبين، ويحتمل أن تكون «الأعظم».
(٣) قطعة من حديث أخرجه مسلم (٥٣٢) من حديث جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه -.