للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا منتهى معرفة المحبوبين الذين هم أفضل من أبدال الأنبياء عند هؤلاء الضالين، وهذا الرب الذي ذكروه لا حقيقة له إلا في أنفسهم، هل هو إلا ما يتخيلونه، فـ {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: ١٨٠ - ١٨٢].

وما كنتُ أظنُّ هذا الشيخ (١) وصل إلى هذا الحدِّ حتى رأيت هذا الكلام، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولعله قد تاب من ذلك، فإن الإنسان لا يدوم على حال واحدة.

وكذلك قوله: «فهناك يظهر من لم يزل ظهورًا لا علة له، بل ظهر بسرِّه لذاته في ذاته ظهورًا لا أولية له، بل نظر من ذاته لذاته بذاته في ذاته، فحيي هذا العبدُ بظهوره حياةً لا علة لها، فظهر بأوصاف جميلة كلها لا علة لها، فصار أولًا في الظهور لا ظاهر قبله، فوجدت الأشياء بأوصافه، فظهرت بنوره في نوره» (٢).

فيقال: قد تقدم قوله: «إنه لا يبقى هناك ذات» (٣) فقوله: «نظر من ذاته لذاته» يناقض ما تقدم. مع أن هذا الإلحاد والاتحاد أعظم من أن يُقتصر على ذمِّه بمجرَّد التناقض، فقوله: «ظهر لذاته من ذاته في ذاته» يطابقُ مذهبَ أهل الوحدة الذين يقولون: هو الظاهر في جميع المخلوقات، وأن ذاته ظهرت لذاته.


(١) يعني الشاذلي صاحب «الحزب».
(٢) سبق النص (ص ١٦٣).
(٣) تقدم (ص ١٦٣).