للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإرادة والعبادة والعمل، لكون ذلك عندهم إنما مقصوده (١) تهذيب النفس وإعدادها لحصول ما هو عندهم العلم.

والأصل الثاني الفاسد الذي بنوا عليه أمرَهم، فإنهم لما رأوا أن مجَرَّد العلم هو الغاية والكمال الذي يحصل للإنسان، لم يكن عندهم علم إلا ما علموه من العلم الذي يسمونه هم: الإلهي، وذلك العلم منتهاه هو العلم بالوجود المطلق الكلي، وهو [ما] يسمونه: العلم الأعلى، والفلسفة الأولى، ويقولون: هو النظر في الوجود ولواحقه، ويقولون: موضوع العلم الأعلى هو الوجود، ومعلومٌ أن مُسمى الوجود المشترك من الموجودات إنما هو في الذهن، وإنما العلم الأعلى هو العلم بالله، والله هو الأعلى على كلِّ شيء مِن كلِّ وجهٍ، كما قال سبحانه: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١]، فالعلم به أعلى العلوم، وإرادة وجهه أفضل الإرادات، ومحبته أفضل المحبات.

وهؤلاء يتكلمون في الوجود المطلق، وانقسامه إلى واجب وممكن، وعلة ومعلول، وانقسام العلة إلى العلل الأربعة (٢):

المادة والصورة، وهما عِلَّتا ماهية الشيء في نفسه. والفاعل والغاية، وهما عِلتا وجود ذلك.

وانقسامه (٣) إلى جوهر وعرض، وانقسام الجوهر إلى خمسة أقسام: العقل، والنفس، والمادة، والصورة، والجسم. وانقسام الأعراض إلى تسعة،


(١) (م): «مقصودها».
(٢) كذا في (م)، والجادة: الأربع.
(٣) أي الوجود.