للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويراد به هذه المضغة مُقيَّدةً بالروح، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألا إنَّ في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح لها سائرُ الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائرُ الجسد، ألا وهي القلب» (١).

كما في الحديث الآخر: «إذا أصبح ابنُ آدم فإنَّ الأعضاء كلَّها تُكفِّر اللسان ــ أي تخضع له وتذل ــ تقول له: اتَّق الله فينا، فإنك إذا استقمتَ استقمنا، وإن اعوجَجْتَ اعوجَجْنا» (٢).

وفي حديث آخر: «لا يستقيمُ إيمانُ عبد حتى يستقيمَ قلبُه [ولا يستقيمُ قلبُه] حتى يستقيمَ لسانُه» (٣).

فاستقامة القلب واللسان تتضمن استقامة الروح والبدن جميعًا؛ فإن البدن مقترن بالروح، فلا يحصل للبدن عمل اختياري إلا بمشاركة الروح، ولهذا ضرب لهما المَثَل في الحديث المأثور عن ابن عباس، رواه ابن منده في


(١) تقدم تخريجه (ص ١١٥).
(٢) أخرجه أحمد (١١٩٠٨)، والترمذي (٢٤٠٧)، والطيالسي (٢٣٢٣)، والبيهقي في «الشعب» (٤٥٩٥) وغيرهم من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -. قال الترمذي: «هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث حماد بن زيد، وقد رواه غير واحد عن حماد بن زيد ولم يرفعوه». ثم أخرجه من طريق حماد بن أسامة عن حماد بن زيد به موقوفًا، قال: وهذا أصح.
(٣) أخرجه أحمد (١٣٠٤٨)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (٩)، والقضاعي (٨٨٧) من حديث أنس - رضي الله عنه -. والحديث ضعَّفه العراقي في «تخريج الإحياء»: (٢/ ٧٦٧)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد»: (١/ ٥٣): «في إسناده علي بن مسعدة وثَّقه جماعة وضعَّفه آخرون». وله شاهد من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - رواه أحمد (٣٦٧٢) وغيره، لكن أُعِلَّ بالوقف، وما بين المعكوفين مستدرك من مصادر الحديث.