للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الفقهاء.

ومنهم من يقول: بل لا يأمر عبدًا معينًا إلا لأن ذلك الأمر مصلحة له، ولا ينهاه إلا لأن ذلك النهي مفسدة له، والعبد هو الذي اخترع الطاعة والمعصية من غير معونة من الله امتازَ بها المُطيع على العاصي. وهذا قول المعتزلة ونحوهم من القدرية.

ومنهم من يقول: بل أمَرَ العباد بما فيه منفعة لهم إذا أطاعوه، ونهاهم عما يضرهم إذا عصوا، فمَن فعل ما أُمِرَ به لم يكن الفعل إلا مصلحة في حقِّه، والمنهيُّ عنه مفسدة في حقِّه. وأما نفس الأمر والنهي فذلك من الله، وله حكمة في ذلك كما له حكمة في خلقه، وذلك رحمة منه لعموم الخلق وإن لم يُصِب بعضَهم، كالمطر الذي .... (١) والشمس التي بطبعها (٢)، وهذا مذهب الجمهور من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية وأهل الكلام.

وتقابلَ (٣) الناسُ في محبة الله ورضاه؛ هل هي بمعنى الإرادة أو هي أمرٌ آخر أخص؟

فقالت القدرية وطائفة من المُثْبتة: هي بمعنى الإرادة، وقال أكثر أهل السنة المثبتين للقدر: بل هي أخص من الإرادة، فالقدرية يقولون: ما أحبَّ الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ فلم يُرِدْه، فكان في ملكه ما لا يريد، وشاء ما لا يكون، وكان ما لا يشاء. وإذا حلف الرجل ليصلينَّ الظهرَ الواجب عليه غدًا


(١) كلمة غير واضحة.
(٢) هكذا رسم الكلمة ولم يتحرر معنى هذه الجملة.
(٣) غير واضحة، ولعلها ما أثبت بدليل ما بعدها.