للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُسْلِمِينَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (١٦)} [الأحقاف: ١٥ - ١٦].

وهذا متفق عليه بين أئمة الدين، كما قال مالكٌ وغيره من العلماء - رضي الله عنهم -: كلُّ أحدٍ من الناس يُؤخذ من قوله ويُترَك إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فالرجل الصالح الحَسَن التعبُّد المجتهد في اتباع الكتاب والسنة إذا كان منه كلام أو دعاء أو ذِكْر فيه خطأ لم يُعاقب على ذلك، ولا يَسقط به ما يستحقّه من الموالاة والمحبة والحُرْمة، فإن الله قد غفر لهذه الأمة الخطأ والنسيان، كما ذكره سبحانه في دعاء المؤمنين بقوله: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]، وقد ثبت في «الصحيح» (١) أن الله تعالى قال: «قد فعلت».

ولا يجوز أن يُتَّبع أحدٌ في خطأ يتبيَّن أن الكتاب والسنة بخلافه، وما زال لأئمة (٢) الصحابة والتابعين ــ الذين لهم في الأمة لسان صدق، وهم عند الأمة من أكابر أولياء الله المتقين ــ أقوالٌ خفيت عليهم فيها السنة، فلا يُتّبَعون فيها، ولا يُساء القول فيهم لأجلها، بل لابد من اتباع الحق وتعظيم أهل الإيمان والتقوى. وهذا أصلٌ مستقرّ بين أهل الإسلام.

والذين لهم أحزاب أو أوراد أو أحوال فيها ما يخالف السنة إذا كانوا صالحين مجتهدين في طاعة الله ورسوله، ليسوا بدون المقلّد العامّي إذا قلّد بعضَ العلماء فيما أفتاه به، إن كان قول ذلك المفتي خطأ في نفس الأمر،


(١) أخرجه مسلم (١٢٦) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) في النسخة: «أئمة» والمثبت يستقيم به السياق.