للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو أحذق منه، يعنون التِّلِمْساني.

فقلت لابن سعيدٍ هذا: الذي ذكره هذا عن موسى وهارون يوافق ما في القرآن أو يخالفه؟ فقال: بل يخالفه؟ فقلت: فاختر لنفسك: إن كان القرآن حقًّا فهذا باطل؛ وذلك أن الله أخبر عن موسى في القرآن بأنه أنكر عبادة العجل غاية الإنكار وقال: {قَالَ يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣)} إلى قوله: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (٩٧) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} [طه: ٩٢ - ٩٨]، وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٥٤]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الأعراف: ١٥٢]، وهذا مبسوط في موضعه.

والمقصود هنا أن الحلول الخاص أنواع:

منه: قول النصارى في المسيح، والغالية في عليّ، كالزنادقة الذين حرَّقهم بالنار لما ادعوا فيه الإلهية، وقد ادعاها قوم في طائفة من أهل بيته.

وكذلك ادعاها طائفة من أتباع العُبيدية الباطنية، الذين ادعوا أنهم علويون ومَلَكوا مصر نحوًا من مئتي سنة، وملكوا بعض المغرب والشام والحجاز مدة، كالحاكم ونحوه، وقد اعتقدَت طائفةٌ من أتباعهم فيهم الإلهية، كالدُّرْزية أتباع نُشْتِكيْن (١) الدُّرزي الذي كان من موالي الحاكم،


(١) (م): «هشتكين» ومثله في «الفتاوى» في مواضع، والصواب ما أثبت، هكذا ضبطه ابن خلكان في «وفيات الأعيان»: (٤/ ٤٧٣)، قال: وهو اسم أعجميّ تسمّى به المماليك اهـ. وهو لقب لمحمد بن إسماعيل الدرزي (ت ٤١١). ينظر: «الأعلام»: (٦/ ٣٥ - ٣٦) للزركلي، و «الحركات الباطنية في العالم الإسلامي» (ص ٢٠٧) للخطيب، و «دراسة عن الفرق» (ص ٣٣٧) لأحمد جلي. وعن الدروز انظر «الفتاوى - فتوى في النصيرية»: (٣٥/ ١٣٥، ١٦١)، (٤/ ١٦٢ - ١٦٣).