وليس اتفاقهما في ذلك بمعنى أن في الخارج عن العلم والذهن معنًى واحدًا يشتركان فيه، بل كل ما في الخارج من الموجودات فهو مختص بما هو موجود في الخارج، فصفات كل موصوف قائمة به، لا يَشْركه فيها غيره، ولكن يتفقان في معنًى عامّ كلّي لا يوجد مطلقًا كلِّيًّا إلا في الذهن، والكُلِّي لا يكون كليًّا إلا في الأذهان لا في الأعيان.
ولكنْ طائفةٌ من النُّظار غَلِطوا في هذا الموضع، فظنوا أنه إذا قيل: هذان يتفقان في مسمى الوجود، ففي الخارج وجود هو بعينه ثابتٌ لكل منهما. وظنوا أن من قال ذلك فإنه يقول: وجود الشيء زائد على ماهيته التي هي حقيقته. وأن من قال: إن لفظ الوجود والشيء والثابت يُقال بالتواطؤ العام، سواء كان المعنى العام يتفاضل يسمى مشكَّكًا أو لم يكن كذلك= فإن مذهبهم أن وجود كل شيء زائدٌ على ماهيته. ومَن قال: إن وجود الشيء في الخارج هو حقيقته الخارجة، فإنه يجعل لفظ الوجود مشتركًا اشتراكًا لفظيًّا، وهو غلط؛ فإن مذاهب أئمة النظار والمتكلمين: أن لفظ الوجود والشيء ونحوهما من الأسماء العامة التي تسمَّى متواطئة ليس من الأسماء المشتركة لفظيًّا كلفظ «المشتري» الذي يُقال على قابل البيع وعلى كوكب في السماء.
ثم إن مذهب نُظَّار أهل الإثبات كالأشعري وغيره: أن وجود كل شيء هو حقيقته الموجودة في الخارج، مع قولهم بأن اسم الوجود عام على كل متواطئ، ومن نَقَل عن هؤلاء أنهم قالوا: لفظ الوجود مشترك اشتراكًا لفظيًّا فقد غَلِط عليهم، كما يوجد ذلك في كلام أبي عبد الله الرازي، وأبي الحسن الآمدي، وغيرهما ممن تبع الشهرستاني في ذلك.