للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قالوا ذلك لِمَا ظنوه لازمًا له، حيث كان من نفاة الأحوال، وممن يقول: [م ١٠٣] المعدوم ليس بشيء، ووجود كل شيء عنده عين حقيقته الموجودة في الخارج= فظنَّ هؤلاء أن هذا يلزمه أن يجعل لفظ الوجود مشتركًا اشتراكًا لفظيًّا، إذ لو كان عامًّا متواطئًا للزم اشتراك الموجودات في مسمَّى الوجود، وامتياز كلِّ واحد عن الآخر بما يخصه، فتكون الحقيقة زائدة على الوجود.

وهذا غلط منهم، فإن نُظَّار أهل الإثبات لا يجعلون في الخارج كليًّا مشتركًا، وإذا قالوا: إن الموجودات اشتركت في مسمى الوجود لم يقولوا: إن في الخارج موجودًا يشترك فيه هذا وهذا. [وكذلك إن] (١) قالوا: إن الأشياء تشترك في مسمَّى الشيء، والذات تشترك في مسمَّى الذات، والحقائق تشترك في مسمَّى الشيء والذات والحقيقة. وكذلك إذا قيل: الماهية (٢) فإنها تشترك في مسمى الماهية.

ومن المعلوم أن الاشتراك في هذه الأسماء لا يوجب أن يكون بين ذات هذا المعيَّن وذات هذا المعيّن في الخارج شيئًا مشتركًا فيه، إذ لو كان كذلك لما كان لشيء من الأشياء شيء يختصُّ به، فإن أخصَّ الأشياء به نفسه وذاته. فإذا قيل: الذات مشترك لم يختص به شيء، وإذا قيل: الذاتان يشتركان في مسمى الذات وإحداهما مختصَّة عن الأخرى بما تختص فيها من مسمَّى الذات، فذلك المختص فيه أيضًا لفظ الذات ... (٣) كل شيء فإنه يتميز عن


(١) ما بين المعكوفين غير واضح في (م)، وما أثبته تقديرًا.
(٢) غير واضحة في (م).
(٣) كلمتان لم تظهرا.