ويحكون أن شخصًا كان يحبُّ آخر، [م ٤٥] فألقى المحبوبُ نفسَه في اليمِّ، فألقى المحبُّ نفسَه خلْفَه، فقال: أنا وقعت فما أوقعك؟ فقال: غبتُ بكَ عَنّي، فظننتُ أنَّك أنِّي (١).
وهذه الحال إذا زال معها عقل الإنسان الذي هو مناط التكليف بسببٍ غير محرَّم كان معذورًا، وإن كان بسبب محرَّم فقال مثل ذلك، فهو مذموم على ذلك.
وهل يَكْفُر إذا زال بما تشتهيه النفس كالخمر؟ فيه نزاع معروف عند العلماء، وأما بما لا تشتهيه الطباع كالبنج، فقيل: هو كالسكران بالخمر، وقيل: كالمجنون.
ومن زال عقله بالسماع ونحوه، فهو على هذا التفصيل. وأما في حال العقل؛ فمن قال هذا كان كافرًا يجب قتله إن لم يتب.
وكثير من السالكين تعرض له هذه الحال في بعض الأوقات، فإذا حضرت فريضة قام إليها، ومنهم من يُحْفَظ عن المعاصي، وهذا لصدقهم في حال حضور العقل حُفِظوا في حال غيبة العقل. لكن بكل حال ليس
(١) ذكر المصنف هذه الحكاية في عدد من كتبه: في «الفتاوى»: (٢/ ٣١٤، ٣٦٩، ٤٨٢)، (٥/ ٢٤٩، ٦/ ٢٦)، و «المنهاج»: (٥/ ٣٥٦)، و «الجواب الصحيح»: (٣/ ٣٣٨).