للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما هو صواب وما هو خطأ، فما وافقَ الكتابَ والسنّةَ من ذلك كلّه فهو صواب، وما خالف ذلك فهو خطأ.

وهذا موضعٌ اشتبه على كثير من أهل العلم والعبادة، ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور. ولهذا أمر الله المسلم أن يقول في كل صلاة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٦ - ٧]، والكلامُ على هذا مبسوط في غير هذا الموضع.

النوع الثاني: أن لفظ النفس والروح والقلب والفؤاد ونحو ذلك، مما يتنازع الناسُ في معناها؛ إما لاختلاف اصطلاحاتهم، وإما لاختلافهم في المعنى.

فلفظ «النفس» يُراد به تارةً ذاتُ الشيء وعينُه، ويراد به الدم السائل، كقول الفقهاء: ليست له نفسٌ سائلة، وقول الشاعر (١):

تَسِيلُ على حَدِّ الظُّباةِ نفوسُنا ... وليستْ على غير الظُّباةِ تَسِيل

ويراد به الروح التي في الإنسان، كقوله: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: ٢٧ - ٢٨]، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نام عام خبير: «إنَّ الله قبضَ أنفسنا (٢) حيثُ شاء» (٣)، وفي الحديث ــ قاله بلال ــ: «أخذ


(١) البيت للسموأل بن عادياء «ديوانه» (ص ٩١) من أبيات في قصيدته اللامية المشهورة، ونُسبت أيضًا إلى غيره كما في «الحماسة»: (١/ ٧٩ - ٨١) لأبي تمام.
(٢) كتب فوقها في (م): «أرواحنا»، واللفظ الوارد في الحديث: «أرواحكم». وأشار المصنف في «الفتاوى»: (٤/ ٢٢٥) إلى أن لفظ «أنفسنا» جاء في روايةٍ.
(٣) أخرجه البخاري (٥٩٥) من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه -. وأصل الحديث في مسلم (٦٨١) مطولًا بسياق آخر وليس فيه هذا اللفظ.