للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزني ويسرق أهون من هذا (١). أو كما قال.

وأيضًا: فإن هذا كلام متناقض، فإنه يسأل أن يغنيه عن السؤال فيسقط [م ٢٠] السؤال بالسؤال، ويذكر أن الحرمان قد يقترن بكثرة السؤال (٢)، وأن السعيد من أغنيته عن السؤال، فإن كان هذا الكلام حقًّا فصاحب هذا السؤال ليس بسعيد؛ لأنه لم يُغْنِه (٣) عن السؤال.

وإن لم يكن سعيدًا ولكن يطلب أن يكون سعيدًا ... (٤) أيضًا في جميع ما يعرض له من الحوائج أن يسأل الله تعالى ذلك فيقضيه له، فالسؤال إن كان سببًا للسعادة فهو مشروع، فلا يسأل الله أن يرفع سبب سعادته، وإن لم يكن سببًا للسعادة فلا يشرع هذا السؤال.

وإن قيل: هذا السؤال بعينه هو سبب السعادة دون غيره= كان هذا معلومَ البطلان، فإن هذا السؤال لم يسأله أحدٌ من الأنبياء والمرسلين، ولا من المهاجرين الأولين، وهم أسعد الخلق.

ثم هو متناقض في نفسه، فإن الرغبة في الشيء تُناقض الزهدَ فيه، والسائل مريد للسؤال، فكيف يريد السؤال مع إرادته عدم السؤال؟!


(١) ذكره أبو نعيم في «الحلية»: (٤/ ٣٨٦)، وأبو القاسم القشيري في «الرسالة»: (١/ ٧٨ - ٧٩).
(٢) (م): «أن الحرمان بكثرة السؤال قد يكون».
(٣) (م): «لم يعتذر»، وما في (ت) أصح.
(٤) كلمة طُمِس بعضها لم تتبين لي.