للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعطيل المفاسد وتقليلها، فينبغي معرفة خير الخيرين وشرّ الشرين، فلا يُزالُ المنكرُ بما (١) هو أنكر منه، ولا يفوت الخير الكثير من الواجب والمستحب باشتماله على شرّ قليل.

بل إذا كان النهي عن المكروه أو المحَرّم يستلزم تركَ واجبِ مصلحةٍ في الدين أعظم من مصلحة ترك ذلك المكروه والمحرم= لم يجز النهي عنه، كالغزو مع الأمراء الفجّار، فإنه يحصل به مصلحة الجهاد الواجب ودفع العدوّ ما لا يجوز تركه، فلا يُنهى عنه لما فيه من ظلم الولاة في بعض الأمور، بل يُعاونُ الناسُ ولاةَ الأمور وغيرهم على ما يفعلونه من البر والتقوى، ولا يعاونونهم على ما يفعلونه من الإثم والعدوان.

وإذا كان ذلك البر والتقوى لكان الفساد أعظم (٢) لم يُدفع الفساد القليل بفساد أكثر منه.

ولهذا نظائر في أهل العلم والعبادة والإمارة، فكثير من الناس ينظر إلى جهة الذمّ التي في الفعل ولا ينظر إلى ما فيه من المدح، ومن هنا أخطأت الخوارج والمعتزلة ونحوهم حيث نظروا إلى سيئات المسلمين ولم ينظروا إلى حسناتهم، وقالوا: إن الشخص الواحد لا يجتمع في حقه الثوابُ والعقابُ والطاعةُ والمعصيةُ.

وهذا خطأ عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أهل السنة، بل عندهم أن الشخص الواحد يكون مستحقًّا للثواب والعقاب، فيُحمَد من


(١) النسخة: «لما».
(٢) كذا في النسخة، والعبارة قلقة.