وبالجملة فالاتصاف والتخلُّق والتعبُّد بما أحبَّ الله من العباد الاتصاف به، وهو من صفاته كالعلم والرحمة والإحسان والجمال الشرعي ونحو ذلك هو حقّ، كما دلَّ عليه الكتاب والسنة، بخلاف الكبرياء ونحوه، فإنه قد ثبت في «الصحيح»(١) أن الله يقول: «العَظَمَةُ إزاري والكِبْرِياءُ رِدَائي فمن نازعني واحدةً منها عَذَّبْتُه».
وصفات الله نوعان؛ نوعٌ يختص به كالإلهية، فليس لأحد أن يتصف بذلك، فإنه لا إله إلا الله. ونوعٌ يتصف عباده منه بما وهبه لهم، كالعلم والرحمة والحكمة، فهذا وإن اتصف به العبد فالله تعالى لا كفوًا له سبحانه، فهو منزَّهٌ عن النقائص مطلقًا، ومنزَّه عن أن يكون له مِثْلٌ في شيء من صفات كماله، بل هو موصوف بصفات الكمال على وجه التفصيل، وهو منزَّه فيها عن التمثيل.
وأما صفات النقص فهي منتفية عنه مطلقًا، وهو موصوف بالكمال الذي لا غايةَ فوقَه، منزَّه فيه عن التمثيل، إثباتٌ بلا تمثيل وتنزيهٌ بلا تعطيل، نُثبت له الأسماءَ الحسنى والصفات العُلى، وننفي عنه مماثلة المخلوقات في شيء منها.
وأما الصفات والأفعال التي تختصُّ العبدَ، كالذل والخوف والرجاء والتضرع والافتقار والسؤال ونحو ذلك، فهذه وإن أمر الله بها العبد فهو سبحانه منزَّه عنها، لا تُطلب منه. وإذا كان ما أمر فإنه قد يَحْسُن منه وقد لا يحسن، لم يجُز أن يقال: أنت قد أمرتنا بذلك فأنت أحقُّ به منا، هذا إذا كان المطلوب مما يسوغ طلبه منه، كالإحسان والعفو والمغفرة.
(١) أخرجه مسلم (٢٦٢٠) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.